الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجمهور أهل العلم ـ بمن فيهم المذاهب الأربعة ـ على وقوع الطلاق المعلق عند حصول المعلق عليه وهو القول الراجح الذي نفتي به، وبناء على ذلك، فمن علق طلاق زوجته على عدة أشياء ثم حنث فيها أو في بعضها تعدد عليه الطلاق بعدد أيمانه التي حنث فيها، وذلك مثل قوله لزوجته ـ إن دخلتُ الدار فأنت طالق ثم يدخلها، وإن كلمتك فأنت طالق ثم يكلمها، وإن أعطيتك كذا فأنت طالق ثم يعطيها ـ فتلزمه ثلاث، ففي المدونة للإمام مالك: قلت: أرأيت إن قال رجل لامرأته: إن دخلت الدار فأنت طالق، أو إن أكلت أو شربت أو لبست أو ركبت أو قمت أو قعدت فأنت طالق ونحو هذه الأشياء؟ أتكون هذه أيماناً كلها؟ قال: نعم. انتهى.
ووقوع الطلقة الثانية مشروط بكونها قد وقعت على الزوجة وهي في عصمة زوجها أو في عدة طلاقه الرجعي فإن انقضت عدتها ولم يراجعها فقد بانت منه ولا يلحقها طلاق إذا حصل الحنث بعد العدة، وما تحصل به الرجعة تقدم بيانه في الفتوى رقم: 30719.
والعدة تنتهي بطهر الزوجة من الحيضة الثالثة بعد الطلاق، أو مضى ثلاثة أشهر ـ إن كانت لا تحيض ـ أو وضع حملها إن كانت حاملاً، وينطبق التفصيل المتقدم على وقوع الطلقة الثالثة أيضاً، وطلاق الغضبان يقع إذا لم يشتد غضبه بحيث يعي ما يقول، فإن كان لا يعي ما يقول فلا شيء عليه، كما تقدم في الفتوى رقم: 35727.
وعليه، فإذا كان زوجك قد لزمته ثلاث طلقات فقد حرمت عليه ولا تحلين له حتى تنكحي زوجاً غيره نكاحاً صحيحاً نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقك بعد الدخول، وإن كان قد لزمه أقل من ثلاث فله مراجعتك قبل تمام العدة، وإخراجك للولد من البيت فوراً لا يمنع الطلاق طالما أن زوجك قد حلف أن لا يدخل البيت ولا يخطو خطوة واحدة، اللهم إلا أن يكون لحلفه سبب وقد زال قبل حصول الحنث، كأن يكون سبب حلفه هو كون ولده منحرفاً مثلاً، فإذا زال إنحراف الولد، فإن زوجك لا يحنث بدخوله البيت بعد ذلك، وإن كان زوجك لا يقصد طلاقاً وقت اليمين فتلزمه كفارة يمين عند شيخ الإسلام ابن تيمية، ولعل فتوى الشيخ المذكور قد اعتمدت على هذا القول، وراجعي الفتوى رقم: 19162.
والله أعلم.