الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقصة خلق آدم عليه السلام المذكورة في السؤال رواها الطبري في تفسيره من قول ابن عباس، ومن قول ابن مسعود ـ رضي الله عنهما ـ موقوفة عليهما، وليست من قول الرسول صلى الله عليه وسلم، وشكك الطبري في صحة هذا الإسناد فقال: وقد ذكر خبراً آخر عن ابن مسعود وابن عباس بهذا الإسناد: فإن كان ذلك صريحاً، ولست أعلمه صحيحاً، إذ كنت بإسناده مرتاباً. انتهى.
وعلق الشيخ أحمد شاكر على قول الطبري السابق قائلاً: ولم يبين علة ارتيابه في إسناده، وهو مع ارتيابه قد أكثر من الرواية به، ولكنه لم يجعلها حجة قط، بيد أني أراه إسناداً يحتاج إلى بحث دقيق، ولأئمة الحديث كلام فيه وفي بعض رجاله، وقد تتبعت ما قالوا وما يدعو إليه بحثه ما استطعت وبدا لي فيه رأي، أرجو أن يكون صوابًا ـ إن شاء الله ـ وما توفيقي إلا بالله... ثم بحث بحثا طويلا. راجعه في تفسير الطبري بتحقيق الشيخ أحمد شاكر.
وذكره هذه القصة ـ أيضا ـ ابن كثير في تفسيره ثم قال: فهذا الإسناد إلى هؤلاء الصحابة مشهور في تفسير السدي، ويقع فيه إسرائيليات كثيرة، فلعل بعضها مدرج ليس من كلام الصحابة، أو أنهم أخذوه من بعض الكتب المتقدمة. والله أعلم. انتهى من تفسير ابن كثير.
ومن الصحيح في قصة خلق آدم، ما رواه مسلم في صحيحه عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لما صور الله آدم في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه فجعل إبليس يطيف به ينظر ما هو فلما رآه أجوف عرف أنه خلق خلقاً لا يتمالك.
قال النووي: قوله صلى الله عليه وسلم ـ يطيف به ـ استدار حواليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: فلما رآه أجوف ـ علم أنه خلق خلقاً لا يتمالك، الأجوف صاحب الجوف.
وقيل: هو الذي داخله خال.
ومعنى ـ لا يتمالك ـ لا يملك نفسه ويحبسها عن الشهوات.
وقيل: لا يملك دفع الوسواس عنه.
وقيل: لا يملك نفسه عند الغضب.
والمراد جنس بني آدم. انتهى من شرح صحيح مسلم للنووي.
وننصح السائل بالاطلاع على كتاب ـ الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير ـ للدكتور محمد بن محمد أبو شهبة.
والله أعلم.