الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أخطأ هؤلاء الناس خطأ عظيما حين أقدموا على دفن هذا الميت من غير صلاة عليه، وكان يجب عليهم أن يسألوا أحدا من أهل العلم عن كيفية الصلاة على الميت حتى يقوموا بما أوجب الله عليهم، فإن صلاة الجنازة فرض على الكفاية باتفاق العلماء، ولم يكن يجوز لك أن تعينهم على دفن هذا الميت دون صلاة عليه، بل كان عليك أن تصلي عليه أنت إن كنت عالما بكيفية الصلاة أو تسأل أحدا من أهل العلم عن كيفيتها حتى تؤديها. والواجب عليك الآن هو التوبة والاستغفار، والله تعالى غفور رحيم، ويجب كذلك أن تؤدى الصلاة على هذا الميت في قبره، فتذهب أنت أو غيرك للصلاة على هذا الميت في قبره، وشرط الشافعية أن يكون المصلي عليه في قبره من أهل الوجوب وقت دفنه.
قال الرملي: ويجب تقديمها أي الصلاة على الدفن وتأخيرها عن الغسل أو التيمم عند وجود مسوغه، فلو دفن من غير صلاة أثم الدافنون والراضون بدفنه قبلها لوجوب تقديمها عليه إن لم يكن ثم عذر، ويصلى على قبره لأنه لا ينبش للصلاة عليه، بشرط أن لا يتقدم على القبر، ويسقط الفرض بالصلاة على القبر على الصحيح والأصح تخصيص الصحة أي صحة الصلاة على الغائب والقبر بمن كان من أهل أداء فرضها وقت الموت دون غيره، لأن غيره متنفل وهذه لا يتنفل بها، وعلم من ذلك جواز الصلاة على القبر أبدا بشرط الذي ذكرناه ولا يتقيد بثلاثة أيام ولا بمدة بقائه قبل بلائه. انتهى.
وفي فتاوى اللجنة الدائمة: ليس هناك عمل آخر يجزيء عن صلاة الجنازة على الميت طفلاً أو كبيراً، لا الصدقة ولا غيرها من أفعال البر، وعليك أن تذهب إلى المقبرة التي دفتنه في قبر منها، وتجعل المقبرة بينك وبين القبلة وتصلي صلاة الجنازة على هذا الطفل متطهراً مستكملاً لباقي شروط الصلاة، ويكفيك ذلك. انتهى.
وفي الفواكه الدواني في الفقه المالكي: ومن دفن" بعد الغسل "و" الحال أنه" لم يصل عليه ووري فإنه يصلى على قبره" قال خليل: ولا يصلى على قبر إلا أن يدفن بغيرها. انتهى.
معنى كلامه أنه إذا دفن قبل الصلاة صلي عليه في القبر ولا ينبش لأجل الصلاة عليه، لكن الصلاة على القبر عند المالكية مقيدة بما إذا لم تطل المدة حتى ظن فناء الميت.
فهذا هو الواجب عليكم لتحصل التوبة من هذا الذنب، فإن عجزت عن الوصول إلى قبر ذلك الميت أو الوصول إلى من يمكنك أمره بالصلاة عليه في قبره فلا شيء عليك ويكفيك التوبة والإكثار من الاستغفار.
والله أعلم.