الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على المرأة إذا رأت الطهر أن تغتسل وتصلي وتصوم، وصومها صحيح، فإذا رأت الدم مرة أخرى عادت حائضا مادام ذلك في مدة الخمسة عشر يوما ـ التي هي أكثر مدة الحيض ـ ويرى الحنابلة أن ما رأته المرأة من الدم في غير زمن العادة لا يكون حيضا حتى يتكرر ثلاثا، والطهر في أثناء الحيض طهر صحيح، لقول ابن عباس ـ رضي الله عنهما: ولا يحل لها إذا رأت الطهر ساعة إلا أن تغتسل.
وانظري الفتوى رقم: 123851، ومن هذا تعلمين أن صومك بعد مضي الأيام الأربعة الأولى حين رأيت النقاء وقع صحيحا وكان هو الواجب عليك ولا يلزمك قضاؤه ـ عند من لا يرى السحب ـ وأما الأيام التي رأيت فيها قطرات من الدم بعد ذلك، فعند الحنابلة أن هذا الدم لا يعد حيضا مادام في غير زمن العادة، وإنما يكون استحاضة، وعلى هذا الرأي، فإن صومك وقع صحيحا ولا يلزمك قضاؤه ما لم يتكرر، وعلى القول الثاني ـ وهو أن كل دم تراه المرأة في زمن الحيض ـ أي في مدة الخمسة عشر يوما يعد حيضا ـ فلا يصح صومك فيها، لأن هذا الدم محكوم بكونه حيضا، لكونه في زمن يمكن أن يعد فيه حيضا، وانظري لمعرفة زمن الحيض وضابطه الفتوى رقم: 118286، وقد كان الواجب عليك على هذا القول أن تغتسلي عند انقطاع ما ترينه من الدم وتصلي، والأحوط ـ بلا شك ـ أن تقضي هذه الأيام خروجا من الخلاف وطلبا لبراءة الذمة، وانظري الفتوى رقم: 127439، والأحوط ـ كذلك بلا شك ـ قضاء ما صليت من صلوات بعد رؤية قطرات الدم، هذا إذا لم تكوني قد اغتسلت منها، لأنها وقعت غير صحيحة لافتقادها شرطا من شروط صحة الصلاة ـ وهو الطهارة ـ وهذا على قول من اعتبر تلك القطرات من الدم حيضا، وأما على القول الآخر فلا يلزمك شيء.
والله أعلم.