الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله لك العافية من هذا الداء الذي ألم بك ـ وهو داء الوسوسة ـ فإنه داء عضال وهو من أخطر الأمراض وأكثرها إضرارا بدين العبد ودنياه.
ومن ثم، فنصيحتنا لك ولغيرك من المبتلين بهذا المرض: هي الإعراض عنه جملة وعدم الالتفات إلى شيء مما يعرض من الوساوس، فإن من استرسل مع الوسوسة أفسد حياته وأتعب نفسه، وكلما عولجت الوسوسة في باب نبتت على شكل آخر ولا علاج لذلك إلا باقتلاع داء الوسوسة من جذوره فيعرض العبد عن كل ما يعرض له من الوسوسة على أي شكل كانت وفي أي صورة أتت.
ثم اعلمي أن الظاهر من هذا النذر الذي نذرته أنه لا يقتضي التكرار فما دمت قد وفيت به وصليت الركعات العشر حين شفاك الله فقد برئت ذمتك ولا يلزمك تكرار الصلاة كلما مرضت وشفيت، فإن أدوات الشرط لا تقتضي التكرار إلا كلما، فما دمت لم تقولي كلما مرضت بالاستحاضة وشفيت سأصلي عشر ركعات فلا يلزمك وفاء بالنذر إلا مرة واحدة، قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله: وأدوات الشرط تنقسم إلى قسمين: ما يفيد التكرار وما لا يفيد التكرار، والذي يفيد التكرار ـ كلما ـ فقط. انتهى.
وعليه، فما دمت قد وفيت بنذرك فلا شيء عليك وقد برئت ذمتك ـ والحمد لله ـ ولكننا نحب أن ننبهك إلى بعض الأمور: منها: أن الراجح عندنا هو أن الصفرة والكدرة حيض في مدة العادة، وأما ما خرج عن مدة العادة من الصفرة أو الكدرة فلا يكون حيضا، وانظري تفصيل القول في هذا المسألة في الفتوى رقم: 117502.
والحديث الذي ذكرته ليس في البخاري بهذا اللفظ، وإنما لفظه في البخاري: كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئا.
وفي رواية أبي داود: كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا.
وأما عن دم الاستحاضة: فهو الدم الذي يخرج في غير الحيض ويخرج من عرق في أدنى الرحم يسمى العاذل قال ابن قاسم في حاشية الروض: والاستحاضة دم يخرج في غير أوقاته، فدم الحيض يخرج من قعر الرحم أسود محتدم، أي حار كأنه محترق، وأما دم الاستحاضة فهو مرض وفساد من عرق فمه في أدنى الرحم يسمى العاذل. انتهى.
ونختم بأن نكرر عليك ما وصيناك به أولا من ضرورة الإعراض عن الوساوس وعدم الالتفات إليها، وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 51601.
والدم الذي ذكرت إن كان مصدره الجرح ـ كما قلت ـ فإنه دم فساد لا تتركي الصوم والصلاة لأجله.
والله أعلم.