الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث المشار إليه متفق عليه رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما فهو في أعلى درجات الصحة وله ألفاظ، فمنها عند البخاري: عن أبي معاذ واسمه عطاء بن أبي ميمونة قال: سمعت أنس بن مالك يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج لحاجته أجيء أنا وغلام ومعنا إداوة من ماء يعني يستنجي به.
ومنها عند البخاري أيضاً: عن عطاء بن أبي ميمونة: سمع أنس بن مالك يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام إداوة من ماء وعنزة يستنجي بالماء. وهذا هو لفظ مسلم.
والإداوة كما قال الصنعاني في سبل السلام: بكسر الهمزة إناء صغير من جلد يتخذ للماء (من ماء وعنزة) بفتح العين المهملة وفتح النون فزاي هي عصا طويلة في أسفلها زج، ويقال: رمح قصير. انتهى.
ومعنى الحديث واضح، وهو أن أنساً رضي الله عنه والغلام الآخر كانا يحملان إناء من ماء يتبعان به النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج لحاجته وذلك ليستنجي بالماء، وأما العنزة التي كانا يحملانها فاختلف في وجه حاجته صلى الله عليه وسلم لها، والذي رجحه الحافظ أنه كان يحتاج إليها ليستتر بها إذا أراد الصلاة بعد قضاء حاجته فإنه كان إذا قضى حاجته توضأ، وإذا توضأ صلى، وإذا صلى احتاج إلى سترة.
وقد بوب البخاري على هذا الحديث بقوله (باب الاستنجاء بالماء).
وقال الحافظ في الفتح: أراد بهذه الترجمة الرد على من كرهه وعلى من نفى وقوعه من النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى.
وقال الصنعاني في سبل السلام: الحديث دليل على جواز الاستخدام للصغير، وعلى الاستنجاء بالماء. قيل: وعلى أنه أرجح من الاستنجاء بالحجارة وكأنه أخذه من زيادة التكلف بحمل الماء بيد الغلام، ولو كان يساوي الحجارة، أو هي أرجح منه لما احتاج إلى ذلك. انتهى بتصرف.
وللحديث فوائد غير ما ذكر تراجع في الفتح فإنه أجاد كعادته في استنباطها.
والله أعلم.