الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك في أن الشهادة في سبيل الله أعظم أجرا من غيرها لوصول صاحبها إلى ذروة سنام الإسلام، فقد روى الترمذي وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ رضي الله عنه: .. ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد. صححه الألباني.
وعند ما أخبر صلى الله عليه وسلم أصحابه بفضل العمل الصالح في عشر ذي الحجة وأنه ليس من أيام العمل فيها أفضل من العمل في تلك الأيام قالوا له: ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء. رواه البخاري.
وسبب تفضيل الشهادة في سبيل الله على بر الوالدين واضح، فالشهيد يقاتل الكفار ويحمي بيضة المسلمين ويدافع عن الإسلام بدمه وروحه. فهو يجود بأغلى ما يملك كما قال القائل:
يجود بالنفس إن ضن الجواد بها... والجود بالنفس أقصى غاية الجود
فلا يمكن أن يستوي مع غيره، والعمل الذي يتعدى نفعه لا يتساوى مع العمل القاصر.
وهذا لا يقلل من فضل بر الوالدين فلا شك أن في برهما خير كثيرا وأجرا عظيما فهو نوع من أنواع الجهاد، ففي الصحيحين وغيرهما أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال: أحي والداك؟ قال نعم، قال: ففيهما فجاهد.
ويكفيه فضلا أن الله عز وجل قرن حق الوالدين بحقه تعالى في عدة آيات، فمن ذلك قوله: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً. {النساء: من الآية36}.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتويين: 121341، 26390. وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.