الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبهك أولاً إلى أنه كان يجوز لك على الراجح من قولي العلماء أن تأتم بهذا الرجل وإن لم تعلم أنه يصلي الفريضة، بل وإن علمت أنه يصلي النافلة فإن اقتداء المفترض بالمتنفل جائز على الراجح وهو قول الشافعي وكثير من المحققين كالعلامتين ابن باز وابن عثيمين، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 111010.
وأما قطعك الصلاة لتحصيل ثواب الجماعة فلا حرج فيه، وقد كان يمكنك أن تقطع نية الفريضة وتتمها نفلاً، ثم تدرك الجماعة مع صاحبك، إلا إن خشيت أن تفوتك الجماعة فالأفضل هو ما فعلته من قطع الصلاة لإدراك الجماعة.
قال العلامة العثيمين رحمه الله: فإن قيل: هل قلبُ الفرض إلى نفل، مستحب أو مكروه؟ أم مستوي الطرفين؟ فالجواب: أنه مستحب في بعض الصور، وذلك فيما إذا شرع في الفريضة منفرداً ثم حضر جماعة، ففي هذه الحال هو بين أمور ثلاثة: إما أن يستمر في صلاته يؤديها فريضة منفرداً، ولا يصلي مع الجماعة الذين حضروا، وإما أن يقطعها ويصلي مع الجماعة، وإما أن يقلبها نفلاً فيكمل ركعتين، وإن كان صلى ركعتين وهو في التشهد الأول فإنه يتمه ويسلم، ويحصل على نافلة، ثم يدخل مع الجماعة فهنا الانتقال من الفرض إلى النفل مستحب من أجل تحصيل الجماعة، مع إتمام الصلاة نفلاً، فإن خاف أن تفوته الجماعة فالأفضل أن يقطعها من أجل أن يدرك الجماعة.
وقد يقول قائل: كيف يقطعها وقد دخل في فريضة، وقطع الفريضة حرام؟ فنقول: هو حرام إذا قطعها ليتركها، أما إذا قطعها لينتقل إلى أفضل، فإنه لا يكون حراماً، بل قد يكون مأموراً به. انتهى.
وبه تعلم أن الأولى هو ما فعلته وأنك لو مضيت في صلاتك لم يكن عليك حرج، وأما كيفية خروجك من الصلاة فما فعلته من الخروج من الصلاة بالتسليم صحيح، لما في صحيح مسلم في قصة الرجل الذي فارق معاذاً حين أطال في الصلاة وأنه انحرف ناحية ثم سلم، وإن شئت خرجت بغير التسليم، وانظر الفتوى رقم: 6183.
والله أعلم.