الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن بينا حقيقة زواج المسيار وذكرنا أن حكمه الجواز ـ سواء كان من مسلمة أو كتابية عفيفة ـ وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 3329.
وأنت ـ أيتها السائلة ـ قد ذكرت فيما ذكرت من حال زوجك أمورا خارجة عن زواج المسيار والتعدد أصلا، بل هي إما كفر صريح وخروج من الدين كقول زوجك إن دين النصارى خير من ديننا، وإما موبقات من كبائر الإثم والفواحش كخروجه مع هؤلاء النسوة وهن كاشفات عن عوراتهن واستغراقه الأوقات فيما يغضب الله وترك العدل بين زوجاته، فهذا كله خارج عن محل الكلام ولا علاقة له بزواج المسيار أصلا، ولذا فينبغي ـ بارك الله فيك ـ أن تفرقي بين الحكم الشرعي في الحوادث والمستجدات وبين الممارسات الخاطئة للناس في تطبيق ذلك فهذا الثاني بمعزل عن الأول.
أما الزواج من ثانية ـ بل وثالثة ورابعة ـ فهو مباح بنص القرآن وصحيح السنة المطهرة بشرط التزام العدل بين الزوجات والقدرة على القيام بحقوقهن وواجباتهن من النفقة والمعاشرة ونحو ذلك، فمن علم من نفسه عدم القدرة على العدل لم يبح له التعدد ووجب عليه الاقتصار على واحدة، وقد بينا ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 124568، 81014، 31514، 2967، 4955.
أما ما تذكرين من حال بعض الأشخاص الذين يتزوجون بأكثر من واحدة ويضيعون كثيرا من شعائر الدين فهذا أيضا خارج عن موضوع التعدد ولا يعكر على شرعية التعدد، بل ولا يلام هؤلاء القوم على تعدد النساء، وإنما يلامون على ما يضيعون من شعائر الدين.
وفي النهاية ننبهك إلى أن زوجك إن كان قد تلفظ بما ذكرت من قوله إن دين النصارى خير من ديننا فهذا كفر وردة عن دين الإسلام، وقد اختلف الفقهاء: هل تتعجل الفرقة بمجرد ردة الزوج أو توقف على انتهاء العدة؟ والراجح أنها توقف على انتهاء العدة، فمن ارتد زوجها فإنه يتركها ولا يقربها، ولا تمكنه من نفسها، فإن رجع إلى الإسلام فالنكاح باق كما هو، وإلا فإنه ينفسخ بانتهاء العدة، جاء في كتاب الأم للإمام الشافعي: فإن ارتد الزوج بعد الوطء حيل بينه وبين الزوجة، فإن انقضت عدتها قبل أن يرجع الزوج إلى الإسلام انفسخ النكاح، وإن ارتدت المرأة أو ارتدا جميعا أو أحدهما بعد الآخر فهكذا أنظر أبدا إلى العدة، فإن انقضت قبل أن يصيرا مسلمين فسختها، وإذا أسلما قبل أن تنقضي العدة فهي ثابتة. انتهى.
والله أعلم.