الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فوجوب غسل الذكر والأنثيين من المذي هو إحدى الروايتين عن أحمد، والرواية الأخرى ـ وهي قول الجمهور ـ أن غسل الأنثيين لا يجب، ويحمل الأمر بغسلها على الاستحباب، قال ابن قدامة: ويجب غسل الذكر منه والأنثيين في إحدى الروايتين تعبداً، والأخرى أنه لا يجب وأمره صلى الله عليه وسلم بغسله للاستحباب قياساً على سائر ما يخرج.
انتهى.
فالواجب ـ إذاً ـ هو غسل المذي من البدن، وغسله بأن يصب الماء حتى يزيل عين النجاسة وأثرها، وأما ما يصيب الثياب من المذي ففيه خلاف بين العلماء، فذهب الجمهور إلى أنه يجب غسله بحيث يتيقن زوال النجاسة.
وذهب الحنابلة إلى أنه يكتفى بنضح الموضع الذي أصابه المذي من الثياب ولا يجب غسله تخفيفاً، قال ابن القيم في إغاثة اللهفان: ومن ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن المذي فأمر بالوضوء منه فقال: كيف ترى بما أصاب ثوبي منه؟ قال: تأخذ كفا من ماء فتنضح به حيث ترى أنه أصابه.
رواه أحمد والترمذي والنسائي.
فجوز نضح ما أصابه المذي كما أمر بنضح بول الغلام، قال شيخنا: وهذا هو الصواب، لأن هذه نجاسة يشق الاحتراز منها لكثرة ما يصيب ثياب الشاب العزب فهي أولى بالتخفيف من بول الغلام ومن أسفل الخف والحذاء. انتهى.
وقد رجحنا هذا المذهب في الفتوى رقم: 50657.
وعليه، فإذا خرج منك المذي فإنك تغسل موضع النجاسة من بدنك ويكفيك أن تاخذ كفا من ماء فتنضح بها ثوبك وهذا يكفي في تطهير المذي، ولو سلم أنه يبقى للمذي مع النضح أثر يسير، فإنه يعفى عنه للحاجة ومشقة الاحتراز كمحل الاستجمار وأسفل الخف والنعل يطهر بدلكه بالأرض، هذا ولا يفوتنا أن نحذرك من الوسوسة في باب الطهارة فإنها من أسباب الشر والعناء لمن فتح على نفسه بابها.
والله أعلم.