الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس لهذه الفتاة حق على أخيك ما دام الأمر لم يتعد الخطبة التي هي مجرد وعد بالزواج, فقد نص أهل العلم على أن للرجل أن يفسخ خطبته للمرأة ولو بلا سبب مع الكراهة.
جاء في فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك: قال الخرشي: ويكره للرجل ترك من ركنت إليه بعد خطبته لأنه من إخلاف الوعد. انتهى.
فإن كان هناك سبب فلا كراهة, ولا شك أن ترك أخيك لها كان بسبب معتبر وهو الاستجابة للأسرة وهذا مندوب إليه بل قد يكون واجبا إذا كان في الأسرة أحد الوالدين وأولى كلاهما مع إصرار هذين الوالدين أو أحدهما على منعه من الزواج بها.
مع التنبيه على أنه لا يجوز للوالدين - وأولى لغيرهما- أن يحولا بين ابنهما وبين الزواج بمن يريد إن لم يكن هنالك سبب شرعي داع إلى ذلك. لأن هذا حق للابن، قال سبحانه: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ. {النساء:3} فدلت هذه الآية على أن الرجل هو الذي يختار من تناسبه وتطيب له من النساء, ولا عبرة في مثل هذا بجمال المرأة أو عدمه، ولا عبرة أيضا بحال أسرتها من الناحية الاجتماعية. فكل هذه الأمور لا يقيم لها الشرع وزنا وإنما يتفاضل الناس عند ربهم بالتقوى والعمل الصالح. كما قال تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {الحجرات:13}. ورسوله صلى الله عليه وسلم يقول: ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى إن أكرمكم عند الله أتقاكم . ويقول: من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه . رواه مسلم .
أما دورك أنت في هذا الأمر فعليك أن تعلم الأسرة بأن ما فعلوه مع هذا الأخ لا يجوز، وأن الشرع قد كفل له حق اختيار زوجته، فلا يجوز لأحد أن يحجر عليه في هذا الحق ولا أن يشاركه فيه ما دامت الفتاة صاحبة دين وخلق، فإن استجابوا لك في ذلك وخلوا بينه وبين خطبتها فبها ونعمت، وإن أصروا على موقفهم فحينئذ ينظر: فإن كان هذا الاعتراض من غير الوالدين فلا يجب عليه طاعتهم وله أن يتزوجها ولو بغير رضاهم، وإن كان الاعتراض من الوالدين أو أحدهما فعلى أخيك أن ينصرف عن الزواج منها لأن طاعة الوالدين واجبة, إلا إذا خاف على نفسه أن يقع في معصية لله بسبب ميله لهذه الفتاة فيجوز له حينئذ أن يتزوجها ولو لم يوافق الوالدان، وعليه بعد ذلك أن يسترضيهما بكل سبيل, وراجع في ذلك الفتويين التاليتين: 105484, 114921 .
والله أعلم.