الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل في الشرع أن العاقل البالغ الرشيد له أهلية التصرف في ماله بأي وجه كان، من بيع أو شركة أو هبة أو غير ذلك. وعليه؛ فإن كان لكلا الزوجين أهلية التصرف فاتفقا طواعية على الاشتراك في أملاكهما الحاضرة فلا حرج في ذلك؛ لأن ذلك لا يعدو كون كل منهما وهب للآخر نصف ممتلكاته.
ومما اطلعنا عليه في ما يتعلق بهذا النظام أنه لا يمس بقواعد الإرث، ولا يدخل المهر في الأملاك المشتركة، وتبقى خاصة بالزوجية، وفي حالة انتهاء الزواج سواء بموجب الطلاق أو الوفاة فإن الاشتراك في الأملاك تبعا لذلك ينتهي.
فإن كان الحال كذلك فليس هناك جور على حقوق الورثة من قريب أو من بعيد، لأن هذه الشراكة تنتهي بالموت. ولكن الإشكال في هذه الحال أن الاشتراك في الأملاك لا يقتصر على الموجود بالفعل، بل يتعدى إلى ما سيوجد في المستقبل، وهذا باطل عند جمهور الفقهاء.
جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يشترط في الشيء الموهوب أن يكون موجودا حين الهبة، وبناء عليه لا يصح هبة ما ليس موجودا وقت العقد، كما لو وهبه ما يثمر نخله هذا العام، أو ما تلد أغنامه هذه السنة ونحوه ... وبناء على ما تقدم فإن هبة المعدوم والمجهول لا تجوز، لأن الهبة تمليك، وتمليك المعدوم والمجهول لا يجوز، فيقع العقد باطلا. اهـ.
وأما إن كان هذا النظام يسري في حال الموت أو الطلاق، فلا يخفى أنه مع ما تقدم قد يؤدي إلى الجور على حقوق الورثة في حال موت أحد الزوجين، أو الجور على حقوق أحد الزوجين في حال الطلاق.
ثم ننبه على أن أصل هذا القانون المستورد من النصارى، يقوم أساسا على مبدأ باطل شرعا، وهو: أبدية الحياة الزوجية. وقد نقلت صحيفة (القبس) الكويتية، عن دار الإفتاء المصرية قولها: هذه معاملة حديثة وعقد جديد، بدأ في الانتشار والانتقال إلى المجتمع الإسلامي من تعاملات غير المسلمين القائمة على مبدأ ديني يقوم عندهم على أساس هو أبدية الحياة الزوجية، وأنها لا تنفك إلا بالموت، وعدم إمكان الطلاق دينياً، وأن الطلاق المدني يتقاسم فيه المطلق مع مطلقته أملاك كلّ، وان الجانب الأكبر من ميراث الزوج يكون للزوجة، وبالعكس، فهي نتاج منظومة خاصة. ومع اتصال العالم بعضه ببعض وتأثر أقصاه بأقصاه في ظل العولمة والتقنيات الحديثة بدأ المجتمع الإسلامي يتأثر بهذه النتاجات الإنسانية. ولا نستطيع أن نجعل هذا العقد مستظلا بأصل فقهي من الأصول الموروثة، ولا أن نرجعه إلى عقد من العقود المسماة في الفقه الإسلامي: لا إلى الشركة ولا إلى الهبة ولا إلى الوكالة، ولا غير ذلك ... اهـ.
وما دام هذا النظام يجعله القانون في البلد المذكور اختياريا لا إلزاميا، فلا بد من رفضه وعدم قبوله. وحسبنا ما شرعه الإسلام من قواعد وأحكام وآداب لاستقرار الحياة الزوجية.
والله أعلم.