الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن فسخ الخطبة مشروع، ولكنه يكره إن كان لغير عذر شرعي، كما سبق أن بينا بالفتوى رقم: 18857
والواجب إحسان الظن بالمسلم وحمل أمره على أحسن المحامل حتى يتبين خلاف ذلك، فإذا كان أهل خطيبتك اتهموك بحرمة الكسب من غير أن يتبينوا في ذلك، فإنهم قد أخطأوا وأساءوا، وما كان ينبغي لهم أن يعجلوا إلى فسخ الخطبة قبل التبين، أما وقد حدث ما حدث فقد يكون الله تعالى أراد بك خيرا فصرفك عن الزواج منها، وعليك بالبحث عن غيرها، فالنساء غيرها كثير، وإن كانت صالحة وأمكنك إقناع أهلها بتزويجك منها فافعل.
وأما ذهاب السياح إلى مثل هذه المناطق المليئة بالمنكرات فلا يجوز أصلا، إذ لا يجوز للمسلم الذهاب إلى مكان المنكر إلا بقصد الإنكار فتوقيعك لهذه الورقة المتعلقة بالرحلة وتسليمها لمدير النقابة فيه إعانة على المنكر من وجه، وهذا أمر محرم تجب عليك التوبة منه ويجب عليك الرفض إن طلب منك ذلك مستقبلا، وإذا كان عملك في هذه الشركة لا يخلو من الإعانة على المنكر فيجب عليك تركه ولعل الله تعالى يبدلك خيرا منه، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2-3}.
وثبت في مسند أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله تبارك وتعالى إلا آتاك الله خيرا منه.
ولا يجوز للمفتي أن يفتي إلا إذا تحقق أمران: معرفته بحقيقة ما يريد أن يفتي فيه، وإحاطته بالحكم الشرعي المناسب للواقعة، وقد قرر هذا ابن القيم في إعلام الموقعين ونقلنا كلامه في ذلك بالفتوى رقم: 14485.
وإذا رأى المسلم أخاه في منكر فعليه أن ينكر عليه بالحكمة والموعظة الحسنة بقصد الشفقة عليه لا بقصد التجريح والتشفي، قال قتادة: لا تلقى المؤمن إلا ناصحاً لا تلقاه غاشاً.
والله أعلم.