الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس مقصودنا بهذا الكلام تحقير شأن المرأة ولا الحط من قدرها ومكانتها، وما كان لأحد أن يفعل ذلك بعد أن ثبت من هديه صلى الله عليه وسلم إكرام زوجاته والمبالغة في الإحسان إليهن حتى عوتب في ذلك بقوله تعالى: تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. {التحريم:1}، وإنما مقصودنا من ذلك أن المرأة تغلب عليها العاطفة سواء في الغضب أو الرضا، ويكثر اندفاعها لتلبية دواعي هذه العاطفة، بخلاف الرجل الذي هو أقدر على ضبط عواطفه من المرأة، فوجب على الرجال مراعاة ذلك في التعامل معهن بمزيد رفق ولين، وهذه وصية النبي الكريم للرجال فيما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، إن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء.
ولمسلم عنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمعت وفيها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها.
فذكر النبي صلى الله عليه وسلم عيوب النساء ليس على سبيل الطعن أو الانتقاص، وإنما حثاً منه على الإحسان إليهن، والعناية بأمورهن، وليعلم الرجال حقيقة المرأة ومزاجها الذي فطرت عليه، فهي لا تستقيم على حال واحدة يريدها الرجل، فعليه ألا يحاول أن يقيمها على الكمال الذي وقر في خلده، وعليه أن يصحبها مع مراعاة مزاجها الأنثوي الذي فطرها الله عليه، فيداريها ويجاملها ويلاينها ويصبر عليها.
وإذا رسخ في عقل الزوج المسلم هذا الهدي النبوي المبني على تفهم نفسية المرأة فإنه سيتسامح معها في كثير من هفواتها، ويغض الطرف عن كثير من تقصيرها تقديراً منه لخلقتها وفطرتها، فيكون بيت الزوجية آمناً هادئاً سعيداً، لا خصام فيه ولا شقاق، فبان بهذا مقصودنا من الكلام وهو حث الرجال على مزيد من التسامح والتغاضي والصفح عند تعاملهم مع النساء.
والله أعلم.