الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما حجك بدون تصريح فإنه صحيح، وإن كان يجب عليك التوبة مما أقدمت عليه من المخالفة، وانظر الفتوى رقم: 128125.
وأما لبسك المخيط بعد إحرامك وتلبسك بالنسك فهو من محظورات الإحرام، وتجب فيه الفدية وهي على التخيير بين إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام أو ذبح شاة، فإذا كنت قد أطعمت في الحرم المساكين الستة ـ كل مسكين نصف صاع من طعام ـ فقد أديت ما وجب عليك ولم تعد ذمتك مشغولة بشيء.
وأما ما ذكرته من كلام علماء الفلك: فإنه لا اعتبار به، فإن المعتبر في دخول الشهر وخروجه هو الرؤية الشرعية، قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله: ولا ريب أنه ثبت بالسنة الصحيحة واتفاق الصحابة أنه لا يجوز الاعتماد على حساب النجوم، كما ثبت عنه في الصحيحين أنه قال: إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته.
والمعتمد على الحساب في الهلال ـ كما أنه ضال في الشريعة مبتدع في الدين ـ فهو مخطئ في العقل وعلم الحساب.
انتهى.
وعلى فرض أن الناس جميعا أخطأوا فوقفوا بعرفة يوم الثامن أو يوم العاشر، فإن حجهم يقع صحيحا ظاهرا وباطنا، ويجزيهم ذلك، وقد بين شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ هذه المسألة أتم بيان ونحن ننقل كلامه ليزول اللبس ويرتفع الإشكال، قال ـ رحمه الله: ولو قُدّر ثبوت تلك الرؤية، فإن في السنن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون.
أخرجه أبو داود وابن ماجه والترمذي وصححه.
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس.
رواه الترمذي.
وعلى هذا العملُ عند أئمة المسلمين كلهم، فإن الناس لو وقفوا بعرفة في اليوم العاشر خطئا أجزأهم الوقوف بالاتفاق، وكان ذلك اليوم يوم عرفة في حقهم، ولو وقفوا الثامن خطئا ففي الإجزاء نزاع، والأظهر صحة الوقوف أيضا، وهو أحد القولين في مذهب مالك ومذهب أحمد وغيره، قالت عائشة ـ رضي الله عنها: إنما عرفة اليوم الذي يعرفه الناس.
وأصل ذلك أن الله سبحانه وتعالى علق الحكم بالهلال والشهر، فقال تعالى: يَسْـئَلُونَكَ عَنِ