الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فسب النبي صلى الله عليه وسلم كفر أكبر مخرج من الدين، وإنكار الحساب والجنة والنار كفر كذلك، وهذا لا خلاف فيه، لأنه من المعلوم من الدين بالضرورة ولا عذر فيه لأحد, وراجعي الفتويين رقم: 1845، ورقم:8106.
ولكن كفر الأب لا يمنع أن يصاحبه أبناؤه في الدنيا بالمعروف، كما قال الله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:15}. وقد بينا هذا في الفتوى رقم:62397.
وبالتالي، فإن لأبيكم عليكم ـ حقا ـ أن تصاحبوه بالمعروف، ومن هذه المصاحبة أن تنصحوا له وتدعوه برفق لتجديد إسلامه وتعلموه بأن هذا الذي يفعله كفر أكبر مخرج من الملة, ولا يجوز لكم مصاحبته حال فعل هذه الكبائر من شرب الخمر ونحوه, وأولى أن لا يجوز لكم البقاء معه ولا عنده حال ارتكاب هذه المكفرات من سب الرسول وإنكار ما علم من الدين بالضرورة، أما دعاؤك عليه فغير جائز، بل ينبغي أن تسألي الله له الهداية والصلاح وأن يشرح صدره للإسلام, وراجعي كيفية التعامل مع الأب الذي يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتوى رقم: 50848.
فإن لم يستجب لكم فداوموا على الإحسان إليه، وإن كان لا يكف عن إيذائه لكم بالسب والضرب فعليكم أن تختاروا من طرق الصلة ما يجنبكم أذاه كأن تكتفوا بالسؤال عنه بالهاتف، فإن أصر على عدوانه ومحاولة إفساده لأسركم وبيوتكم فلا حرج عليكم ـ حينئذ ـ إن قطعتم علاقتكم به.
أما بخصوص ما ذكرت عن البغاء: فإننا لم يتبين لنا مقصودك منه، فإن كنت تقصدين أنك ـ والعياذ بالله ـ قد مارست البغاء، فهذا منكر عظيم وكبيرة من الكبائر ولا يسوغه لك بخل الأب ولا ظلمه, فقد كان يمكنك أن تستعيني على قضاء حوائجك ببعض أرحامك لينفقوا عليك أو ليجبروا أباكم على الإنفاق عليكم، وكان يمكنكم رفع الأمر للسلطات لتلزمه بالنفقة عليكم، وكان يمكنكم الأخذ من صدقات المسلمين وزكواتهم وغير ذلك كثير من وسائل الحصول على النفقة, أما ممارسة البغاء فلا مبرر لها، والواجب عليك أن تتوبي إلى الله سبحانه من هذه الكبيرة العظيمة وأن تستغفري لذنبك وتكثري من الأعمال الصالحة المكفرة, وكذا الحال بالنسبة لأختك، قال سبحانه: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114}.
وعليك أن تكتمي ما كان منك ومن أختك عن الناس أجمعين ولا تحدثي ـ لا أنت ولا هي ـ به أحدا لا زوجا ولا غيره.
والله أعلم.