الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان السائل يعني بقوله ( واعدت نفسي ) مجرد النية أنه سيتصدق لا أنه نذر لله تعالى التصدق بذلك المبلغ فإنه يجوز له أن يأخذ المبلغ ويشتري به بيتا لأن المبلغ لم يستلمه الأشخاص المتصدق به عليهم , وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن الصدقة كالهدية لا تملك ولا تصير لازمة إلا بالقبض كما بيناه في الفتويين: 57069, 119129.
قال في كشاف القناع ممزوجاً بمتن الإقناع في الفقه الحنبلي: ومن أخرج شيئاً يتصدق به أو وكل في ذلك، أي الصدقة به (ثم بدا له) أن لا يتصدق به (استحب أن يمضيه) ولا يجب، لأنه لا يملكه المتصدق عليه إلا بقبضها، وقد صح عن عمرو بن العاص أنه كان إذا أخرج طعاماً لسائل فلم يجده عزله حتى يجيء آخر. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية : وَيَعْتَبِرُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ الصَّدَقَةَ وَنَحْوَهَا ، كَالْهِبَةِ .... ، مِنْ عُقُودِ التَّبَرُّعَاتِ ، الَّتِي لاَ تَتِمُّ وَلاَ تُمَلَّكُ إِلاَّ بِالْقَبْضِ، وَالْعَقْدُ فِيهَا قَبْل الْقَبْضِ يُعْتَبَرُ عَدِيمَ الأَْثَرِ بَل قَال الْكَاسَانِيُّ : الْقَبْضُ شَرْطُ جَوَازِ الصَّدَقَةِ ، لاَ تُمَلَّكُ قَبْل الْقَبْضِ ، عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ .اهـ مختصرا.
ومثل هذا في عدم اللزوم إذا كنت تلفظت بألفاظ لا تدل على الالتزام وإيجاب شيء على نفسك مثل أن تقول سأتصدق بعشرة في المائة من راتبي ونحو ذلك، أما إذا كنت قد تلفظت بكلمات تدل على الالتزام مثل لله علي أن أتصدق بكذا أو نذرت لله أن أتصدق بكذا أو نحو ذلك فهذا نذر يلزم الوفاء به، ولكن هذا غير ظاهر من سؤالك. وعليه فلا يلزمك شرعا إمضاء الصدقة ودفع ذلك المال إلى من أردت التصدق عليهم ويجوز لك أن تشتري به بيتا, وقد أحسنت صنعا أيها الأخ الحبيب بالهجرة من بلاد الكفر ونسأل الله أن يكتب لك الأجر ويخلف عليك ما فاتك من الدنيا بسببها, وانظر فضل الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام في الفتوى رقم: 99033 .
والله أعلم.