الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الإسلام حث على التقلل من الدنيا والزهد فيها وحذر من الإفراط في تناول الطعام والشراب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
ولكنه مع ذلك أمر بالأكل والشرب وأخذ الزينة باعتدال دون إفراط ولا تفريط فقال تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِين. َ{الأعراف: 31}.
فهذه الكلمات الواردة في السؤال تحمل معنى صحيحا وهو التقلل من الأكل مع الاعتدال في مراعاة حق الجسد.
وما جاء في السؤال عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: البسوا .. رواه الخطيب البغدادي في تلخيص المتشابه والديلمي في الفردوس بألفاظ مختلفة قريبا مما ذكر.
وقال عنه الألباني في السلسلة الضعيفة: ( لا أصل له ).وهو من أحاديث الإحياء التي لم يجد لها السبكي أصلا.
وأما حديث: من قل طعمه.. فقد رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق عن حذيفة بن اليمان مرفوعا وعقب عليه بقوله: وهذا إسناد فيه جماعة ممن لم تشتهر عند أصحاب الحديث.
ولم نقف عليه عند غيره، ومن المعلوم عند أهل العلم أن هذه الكتب من مظان الأحاديث الضعيفة كما جاء في طلعة الأنوار.
وما نمي لعق وعد وخط وكر * ومسند الفردوس ضعفه شهر ".
فهو يشير ب: "خط" للخطيب البغدادي، وب "كر" لتاريخ ابن عساكر ويصرح بالفردوس، ولذلك فالحديثان ضعيفان .
وننبه السائلة إلى أن أكثر أهل العلم كرهوا إفراد غير الأنبياء من الصحابة وغيرهم بدوام الصلاة والسلام عليهم أو تخصيصهم بذلك، فكانوا يصلون ويسلمون على الأنبياء ويترضون عن الصحابة ويترحمون على غيرهم ويصلون ويسلمون عليهم تبعا للأنبياء.
وانظري الفتوى رقم: 37150.
والله أعلم.