الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاستعمال البخور في الرقية والقراءة عليه مما لا نعلم له أصلا في السنة أو عن أحد من الصحابة والسلف الصالح رضوان الله عليهم مع علمهم وحرصهم على نفع الخلق ودفع الأذى عنهم، ولذا نرى عدم جواز استعمال البخور المذكور في الرقية لاسيما وأن المشعوذين من طقوسهم استعمال البخور، فعدم فتح هذا الباب هو الواجب منعا للانحرافات التي تنتج عن ذلك. ثم إن اعتقاد أن استعمال البخور لا لكونه من الطيب ولكن لأنه مما يدفع الآفات أو يفيد في الرقية أو يحل السحر أو يطرد الشياطين هو من اعتقادات الصابئة عباد النجوم وكذلك النصارى وغيرهم من المبتدعة والمشركين. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وقد بلغني أيضا أنهم يعني النصارى يخرجون يوم الخميس الذي قبل ذلك أو يوم السبت أو غير ذلك إلى القبور ويبخرونها وكذلك يبخرون بيوتهم في هذه الأوقات وهم يعتقدون أن في البخور بركة ودفع أذى لا لكونه طيبا ويعدونه من القرابين... إلى أن قال: وإنما ذكرت ما ذكرته لما رأيت كثيرا من المسلمين يفعلونه وأصله مأخوذ عنهم حتى إنه كان في مدة الخميس تبقى الأسواق مملوءة من أصوات هذه النواقيس الصغار وكلام الرقايين من المنجمين وغيرهم بكلام أكثره باطل وفيه ما هو محرم أو كفر.
وقد ألقي إلى الجماهير العامة أو جميعهم إلا من شاء الله وأعني بالعامة هنا كل من لم يعلم حقيقة الإسلام فإن كثيرا ممن ينتسب إلى فقه أو دين قد شارك في ذلك ألقي إليهم أن البخور المرقي ينفع ببركته من العين والسحر والأدواء والهوام... إلى آخر كلامه رحمه الله.
وقال في موضع آخر مبينا الانحرافات التي تحدث في تشبه المسلمين بالنصارى في أعيادهم، فذكر منها: ورقي البخور مطلقا في ذلك الوقت أو غيره أو قصد شراء البخور المرقي، فإن رقيا البخور واتخاذه قربانا هو دين النصارى والصابئين، وإنما البخور طيب يتطيب بدخانه كما يتطيب بسائر الطيب من المسك وغيره مما له أجزاء بخارية وإن لطفت أو له رائحة محضة، وإنما يستحب التبخر حيث يستحب التطيب. انتهى من كتابه: اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم.
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن حكم استعمال البخور لطرد الشياطين فقال: لا أعلم لهذا العمل أصلاً شرعياً، والواجب تركه، لكونه من الخرافات التي لا أصل لها، وإنما تطرد الشياطين بالإكثار من ذكر الله وقراءة القرآن والتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق... إلخ كلامه. مجموع فتاوى الشيخ ابن باز.
والأصل في استعمال البخور هو الإباحة على الوجه الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كلامه السابق: وإنما البخور طيب يتطيب بدخانه كما يتطيب بسائر الطيب من المسك وغيره مما له أجزاء بخارية وإن لطفت أو له رائحة محضة، وإنما يستحب التبخر حيث يستحب التطيب. انتهى.
وأما عن حكم حرق بعض الآيات المكتوبة فتراجع له الفتوى: 117582.
وفي الرقية الشرعية عند أهل الصلاح والتقوى كفاية وغنية عن كل هذه الطرق المشتبهة، وقد ذكرنا الفرق بين المشعوذ وبين الراقي الصالح في الفتوى رقم: 6347، فراجعها، ونسأل الله لكم العافية، والله ولي التوفيق.
والله أعلم.