الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن ما قامت به زوجتك من إهانتك بهذه الطريقة وسفرها دون إذنك ورضاك كل هذا من النشوز المحرم الذي يوجب غضب الله وسخطه، ويوجب سقوط حقها من النفقة والسكنى ونحو ذلك، وقد سبق بيان ما يترتب على النشوز وكيفية علاجه في الفتاوى التالية أرقامها: 110905، 1103، 38844.
فإذا انضم إلى ذلك أن سفرها دون محرم فقد ضمت إلى ذلك منكرا آخر لأنه يحرم على المرأة أن تسافر دون محرم لها، كما بيناه في الفتوى رقم: 120008.
وبرغم ما حصل من زوجتك فإنا لا ننصحك بالتسرع في طلاقها بل نوصيك بمحاولة استصلاحها والصبر عليها وكثرة الدعاء لها بظهر الغيب، ثم بتذكيرها المتكرر بتقوى الله والقيام بحقوقه، وتذكيرها بحقوق الزوج فقد يكون هذا بسبب جهلها بحق زوجها عليها، فإن أصرت على نشوزها وتمردها عليك فلا حرج عليك حينئذ في طلاقها، بل لعل طلاقها حينئذ هو الخير.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني مبينا أضرب الطلاق وما يعتريه من الأحكام الشرعية:.... والثالث: مباح، وهو عند الحاجة إليه لسوء خلق المرأة، وسوء عشرتها والتضرر بها من غير حصول الغرض بها، والرابع: مندوب إليه، وهو عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها مثل: الصلاة ونحوها ولا يمكنه إجبارها عليها، أو تكون له امرأة غير عفيفة. انتهى.
وقد أخرج الحاكم في مستدركه وصححه، وصححه الألباني أيضا عن أبي موسى الأشعري قال: قال صلى الله عليه وسلم: ثلاثة يدعون الله، فلا يستجاب لهم: رجل كانت له امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجلٍ مال فلم يشهد عليه، ورجل أعطى سفيهاً ماله.
قال العلامة المناوي في فيض القدير: ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم: "رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق" (بالضم) "فلم يطلقها"، فإذا دعا عليها لا يستجيب له، لأنه المعذب نفسه بمعاشرتها، وهو في سعة من فراقها. انتهى.
والله أعلم.