الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث المشار إليه وهو استغفار الإناء للاعقه قد روي بمعناه، فقد روى الترمذي وابن ماجه من حديث نبيشة الهذلي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أكل من قصعة ثم لحسها استغفرت له القصعة. وضعفه الألباني في ضعيف الترمذي وضعيف ابن ماجه.
ولكن الحفاظ على الطعام وعدم إهداره من المعاني العظيمة التي دلت عليها نصوص الشرع، فروى أحمد ومسلم عن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان، وليسلت أحدكم الصحفة فإنكم لا تدرون في أي طعامكم تكون البركة.
قال ابن الأثير في النهاية في معنى سلت الصحفة: ومنه الحديث: أمرنا أن نسلت الصحفة. أي نتتبع ما بقي فيها من الطعام ونمسحها بالأصبع ونحوها.
والنصوص بهذا المعنى كثيرة، فالمسلم مأمور بالحفاظ على نعمة الله تعالى، فإن من شكر النعمة أن تصرف فيما خلقت له.
وأما إلقاء الطعام في القمامة فلا شك في أنه ينافي هذا المعنى وهو من الإسراف المنهي عنه، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 100336، أن إلقاء الطعام لا يجوز، لأنه من إضاعة المال وأن الواجب أن يأكله أو يطعمه الفقراء، فإن تعذر ذلك فليطعمه الحيوانات، فإن عدمت السبل للانتفاع بالطعام فنرجو أن لا يكون هناك حرج في إلقائه.
وأما من وجد لقمة في الطريق فإنه يميط ما بها من أذى ويأكلها إن كانت تصلح للأكل وإلا أعطاها لحيوان، فإن لم يوجد فينبغي أن ينحيها عن الطريق، لئلا تدوسها الأقدام، وقد بينا حكم امتهان الطعام في الفتوى رقم: 19105.
وأما كون النعمة تزول إذا أهينت وأن من ألقى الطعام في القمامة حرم منه فيما بعد، فلا نعلم دليلاً صريحاً يدل على هذا وإن كان هذا الأمر مما يعرض العبد لعقوبة الله الدنيوية والأخروية، لما فيه من الإسراف وإضاعة المال كما قدمنا.
والله أعلم.