الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد جانبت الصواب حين أنكرت على زوجك إنفاقه على أهله ـ وإن كانوا أغنياء موسرين ـ وذلك لأن هذا المال حق خالص لزوجك له أن ينفقه كيف شاء بشرطين:
الأول: أن يكون هذا في وجوه المباح مما أحله الله وشرعه.
الثاني: أن لا يخل بحقوق زوجته وأولاده.
وأنت قد ذكرت أن زوجك قد التزم بتوفير مسكن لك, بل والتزم أن يوفيك حقك من ما كنت تطلبين عليه من الذهب، فإذا فعل ذلك وقام بالواجب عليه تجاهك من مطعم وملبس وعلاج وغير ذلك من الأمور المذكورة في الفتوى رقم: 113285, فلا حرج عليه فيما أنفق بعد ذلك ـ سواء أعطاه لأهله أو للفقراء أو لغيرهم ـ ولا يجوز لك أن تعترضي عليه في ذلك, ولا أن تلزميه بأن يدخره لوقت حاجته, وليس هذا من باب الظلم لك، لأنه لا حق لك في هذا المال، بل المال حق خالص له, ولا يعد هذا من الظلم لنفسه، بل إن ما يفعله من القربات العظيمة التي يعظم الله عليها الأجر، لما تتضمنه من فعل الخيرات ووصل الأرحام والإحسان إليهم.
أما تنازلك عن المهر، فإن كان قبل العقد فهو لغو ويجوز لك أن تطالبي زوجك به, وأما إن كان بعد العقد فإنه تنازل صحيح صدر من أهله في محله, وبالتالي، فلا يجوز لك الرجوع في ذلك إلا أن يعطيك زوجك ذلك هبة منه, جاء في بدائع الصنائع: من تزوج امرأة ولم يُسم لها مهراً بأن سكت عن ذكر المهر، أو تزوجها على أن لا مهر لها، ورضيت المرأة بذلك، يجب مهر المثل بنفس العقد عندنا، حتى يثبت له ولاية المطالبة بالتسليم. انتهى.
وقد بينا تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 28137.
وإن كان من وصية ننصحك بها: فإنا ننصحك بتقوى الله سبحانه ثم بالحرص على طاعة زوجك وإرضائه في المعروف، لأن هذا من أعظم الأسباب التي توصلك إلى رضوان الله وجنته, فقد روى أحمد عن الحصين بن محصن: أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة ففرغت من حاجتها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أذات زوج أنت؟ قالت: نعم، قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: فانظري أين أنت منه؟ فإنما هو جنتك ونارك.
صححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المرأة إذا صلت خمسها وصامت شهرها وأحصنت فرجها وأطاعت بعلها فلتدخل من أي أبواب الجنة شاءت.
رواه أبو نعيم في الحلية، وصححه الألباني.
واعلمي أن ما يفعله زوجك من الإحسان إلى أهله من أسباب البركة في المال والولد ومن أسباب سعة الرزق ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سره أن يبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه.
فكيف تعترضين عليه في أمر يقربه إلى الله ويجلب لكم سعادة الدنيا والآخرة.
وفقكم الله لما يحبه ويرضاه وصرف عنكم كيد الشيطان.
والله أعلم.