الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على المسلم إذا كان مستطيعا للحج وقت خروج الناس من بلده للحج أن يبادر به على الفور لقوله تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا. فإن لم يكن مستطيعا لم يجب عليه ولم يلزمه تحصيل أسباب الاستطاعة بادخار المال الذي يمكنه أن يحج به، لأن القاعدة الأصولية المشهورة هي أن ما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب.
قال العلامة العثيمين رحمه الله: مسألة: هل يجب عليه أن يجمع مالاً لكي يزكي، وهل يجب عليه إذا تم الحول على نصاب من المال، أن يقوم بما يلزم لإخراج الزكاة؟
الجواب: لا يجب عليه جمع المال ليزكيه، ويجب عليه إذا حال الحول على نصاب من المال أن يقوم بما يلزم لإخراج زكاته.
والفرق بينهما أن ما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب، وأما ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب؛ فتحصيل المال ليزكي تحصيل لوجوب الزكاة وليس بواجب.
ومثله الحج هل نقول: يجب على الإنسان أن يجمع المال ليحج؟ أو نقول: إذا كان عنده مال فليحج؟
الجواب: إذا كان عنده مال فليحج، وأما الأول فلا يجب. انتهى.
وقال الشنقيطي رحمه الله: القسم الثالث: ما هو تحت قدرة العبد مع أنه مأمور به كالطهارة للصلاة والسعي للجمعة .. الخ.. وهذا واجب على التحقيق وإن شئت قلت : ( ما لا يتم الواجب المطلق إلا به فهو واجب) كالطهارة للصلاة و(ما لا يتم الواجب المعلق ـ على شرط كالزكاة معلقة على ملك النصاب ، والحج على الاستطاعة ـ إلا به فليس بواجب ) كالنصاب للزكاة والاستطاعة للحج ، وأوضح من هذا كله أن نقول : ( ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب كالطهارة للصلاة) وما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب كالنصاب للزكاة. انتهى.
وبهذا التقرير تعلم أنه لا يلزمك أن تدخر من مالك ما تحج به، وإنما يلزمك متى توفر عندك مال يكفي للحج في وقت الحج أن تبادر إليه.
والله أعلم.