الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فشكر الله لك حرصك على الخير، ثم اعلمي ـ أيتها الأخت الفاضلة ـ أن العبد إذا أدى ما يجب عليه من الحق في ماله من الزكاة والإنفاق على من تجب عليه نفقته فليس مطالبا بشيء زائد على ذلك ـ على سبيل الوجوب ـ فإن بذل وتصدق بعد ذلك بشيء مما يفضل عن حاجته فهو محمود على ذلك، وله من الثواب ـ إن شاء الله ـ ما وعد الله به المنفقين والمتصدقين، فنرجو أن تكوني مأجورة على ما تقومين به من الصدقة وأن تجدي ذلك في موازين حسناتك يوم القيامة، فإن ثواب الصدقة عظيم وأجرها جسيم، قال تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {البقرة: 261}.
والآيات والأحاديث في فضل الصدقة والترغيب فيها والحث عليها كثيرة جدا، فمهما تصدقت وبذلت من مالك للفقراء والمحتاجين كان ذلك خيرا لك، وما تنفقينه على أولادك وما تعينين به زوجك من المال في سداد قرضه ونحو ذلك هو من الصدقة التي تثابين عليها، بل هو من أفضل الصدقة، كما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لزينب امرأة عبد الله بن مسعود: زوجك وولدك أحق من تصدقت عليهم.
قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله ـ في شرح بلوغ المرام: قال رجل يا رسول الله عندي دينار، قال تصدق به على نفسك.
فدل هذا على أن الإنسان إذا أنفق على نفسه فهو صدقة، وإذا انفق على زوجته فهي صدقة، وعلى ولده فهي صدقة، وعلى قريبه فهي صدقة كل هذا صدقة ـ والحمد لله ـ وهذا من نعمة الله، ولهذا لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصدقة أرادت زينب ـ امرأة ابن مسعود ـ رضي الله عنهما ـ أن تتصدق بحليها، فقال لها زوجها ـ عبد الله ـ أنا وولدك أحق من تصدقت عليه فجاءت زينب تستفتي النبي عليه الصلاة والسلام فأخبرها بأن عبد الله بن مسعود صادق وأن زوجها وولدها أحق من تصدقت به عليهم، فهذا ـ أيضا ـ يدلنا على أن الأقارب الصدقة عليهم أفضل وأما ما يظن بعض العامة بأن الصدقة على الأجانب والأباعد أفضل فهذا من تزيين الشيطان لهم، وإلا فالصدقة على القريب كما قال النبي عليه الصلاة والسلام صدقة وصلة.
والله أعلم.