الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فزواج الزانية مختلف فيه: ذهب جمهور العلماء إلى جوازه ولو قبل التوبة.
وذهب الإمام أحمد وطائفة من السلف: إلى عدم جوازه إلا بعد التوبة.
وهذا الأخير هو الذي نفتي به, يقول ابن تيمية ـ رحمه الله: نكاح الزانية حرام حتى تتوب، ـ سواء كان زنى بها هو أو غيره ـ هذا هو الصواب بلا ريب، وهو مذهب طائفة من السلف والخلف ـ منهم أحمد بن حنبل وغيره ـ وذهب كثير من السلف إلى جوازه، وهو قول الثلاثة.
انتهى.
وقد بينا تفصيل هذه المسألة في الفتوى رقم: 38866.
أما بخصوص حالتكما: فما دمتما لستما على يقين من حصول الزنا بمعناه الشرعي ـ وهو إيلاج الحشفة أو قدرها في الفرج المحرم ـ كما بيناه في الفتوى رقم: 123674، بل الأمر عندكما مجرد شك في حصول ذلك فينبغي ـ حينئذ ـ طرح هذا الشك وعدم اعتباره وعليه، فإن زواجكما صحيح بالاتفاق فانصرفا عن هذه الوساوس وأقبلا على ما ينفعكما في أمر دينكم ودنياكم.
أما بخصوص بقاء وصف الزنا لكما: فقد بينا أنه لم يثبت لكما هذا الوصف ـ أصلا ـ لأن الأحكام الشرعية لا تثبت بالشك، إذا الأصل السلامة وبراءة الذمة, نعم مثل هذه الأفعال القبيحة من ملامسة العورات ونحوها يثبت لها اسم الزنا مجازا ـ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا ـ مدرك ذلك لا محالة ـ فالعينان زناهما: النظر، والأذنان زناهما: الاستماع، واللسان زناه: الكلام، واليد زناها: البطش والرجل زناها: الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه.
ولكن ليس هذا هو الزنا الحقيقي الموجب للحد, فما دمتما قد تبتما إلى الله جل وعلا وصدقتما في التوبة فأبشرا بقبول الله لتوبتكما، فقد وعد الله بقبول التوبة فقال: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}.
وعلى افتراض أنه وقع منكما زنا كامل وتم العقد قبل التوبة وأنجبتما الأولاد فلكما في مذهب ثلاثة من الأئمة الأربعة المتبوعين ما يرفع عنكما ما أنتما فيه من الحرج، فأقبلا على الله وأبشرا بالخير.
والله أعلم.