الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم ـ هداك الله ـ أن ما ذكرته من كونك لا تصلي إلا الجمعة ذنب عظيم وجرم كبير يجب عليك أن تبادر بالتوبة النصوح منه إلى الله تبارك وتعالى، واعلم ـ هداك الله ـ أن ترك الصلاة الواحدة حتى يخرج وقتها عمداً إثم عظيم يزيد على إثم الزنا والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس ـ بإجماع المسلمين ـ كما نقل ذلك ابن القيم ـ رحمه الله ـ وقد ذهب بعض أهل العلم إلى تكفير من يتعمد ترك الصلاة وأنه خارج من ملة المسلمين ـ والعياذ بالله.
وإذا كان هذا في ترك صلاة واحدة فكيف بترك أربع وثلاثين صلاة في الأسبوع؟ إن الذي فرض الجمعة هو الذي فرض سائر الصلوات، فيجب عليك طاعته تعالى في جميع ما أمر به، وشأن الصلاة عظيم وخطر تركها وخيم، فلا ترض لنفسك ـ أيها الأخ ـ بهذه المنزلة الدنية، ولا تعرض نفسك لغضب ربك تبارك وتعالى، فإن غضبه تعالى لا تقوم له السماوات والأرض ـ عياذاً بالله من غضبه وعقابه.
وأما عن سؤالك: فإننا قد بينا ضابط الإصابة بالسلس وأن المصاب بالسلس هو من لا يجد في أثناء وقت الصلاة زمناً يكفي لفعل الصلاة بطهارة صحيحة، وانظر الفتوى رقم: 119395، فإذا كنت مصاباً بالسلس، فإن الواجب عليك هو أن تتوضأ للصلاة التي تريد فعلها بعد دخول وقتها وتصلي بوضوئك ذاك الفرض وما شئت من النوافل، ولا يؤثر في هذا الحكم كونك تترك غير هذه الصلاة من الصلوات الواجبة عليك، فإن تركك لتلك الصلاة مما يوجب الإثم واستحقاق العقوبة، ولكنه لا يرفع الحكم المستقر من كونك تتوضأ للفريضة التي تريد فعلها بعد دخول الوقت، هذا، وقد بينا في الفتوى رقم: 112474، أن المعذور يجوز له أن يتوضأ للجمعة قبل الزوال أخذاً بقول من يرى أن وقت الجمعة يبدأ قبل الزوال إذا أراد التبكير للجمعة، ونختم بما بدأنا به من تذكيرك بعظم شأن الصلاة ووجوب المحافظة عليها، وقد قال أمير المؤمنين عمر ـ رضي الله عنه ـ حين طعن وصلى وجرحه يثعب دماً: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة.
أخرجه البخاري.
فاتق الله ـ أيها الأخ ـ وتب إليه وحافظ على صلاتك تنج وتفلح، وعليك قضاء ما تركته من الصلوات فيما مضى في قول جمهور أهل العلم، فهي دين في ذمتك لا تبرأ إلا بقضائها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى.
متفق عليه.
والله أعلم.