الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا البيض وتلك الفراخ الصغيرة التي وقعت ببيتك دون إرادتك ولا تستطيع الوصول إلى أصحابها تأخذ حكم اللقطة، وقد نص أهل العلم على وجوب التقاط ما عرض للضياع مما وجد من أموال الناس إذا كان الواجد أمينا، فإن كانت اللقطة ذات قيمة أي أن نفس صاحبها تتبعها عادة ويجهد في طلبها والبحث عنها فإنها تعرف مدة يغلب على الظن أن صاحبها لا يطلبها بعدها، فإن لم يأت صاحبها بعد تعريفها جاز التصرف فيها والانتفاع بها مع ضمانها لصاحبها لو جاء يوما من الدهر يطلبها.
وإن لم تكن ذات قيمة عالية أي أنها متوسطة فيجوز الانتفاع بها بعد تعريفها يوما أو يومين ونحوه فحسب ويمكن الانتفاع بها والتصرف فيها وهي مضمونة أيضا لصاحبها لو جاء يطلبها.
وأما ما كان تافها لا قيمة له ولا تتبعه نفس صاحبه فهو لملتقطه ولا يلزمه تعريفه ولا ضمان فيه. قال ابن عبد البر : وأما التافه النزر اليسير الحقير مثل التمرة والفتاتة والزبيبة فيؤكل ذلك ولا تبعة فيه. وقال الإمام ابن قدامة: ولا نعلم خلافا بين أهل العلم في إباحة أخذ اليسير والانتفاع به وقد روي ذلك عن عمر وعلي وابن عمر وعائشة، وبه قال عطاء وجابر بن زيد وطاووس والنخعي ويحيى بن أبي كبير ومالك والشافعي وأصحاب الرأي.
وعليه؛ فلو كانت الفراخ معرضة للضياع وجب عليكم التقاطها، وإذا كانت البيض كذلك وأمنتم الأمانة من أنفسكم ولهما قيمة فيجوز الانتفاع بهما مع ضمانهما أو بيعهما وحفظ الثمن لأصحابهما أو التصدق به عنهم. قال ابن عبد البر في : ومن التقط طعاما لا بقاء له ولم يتعرفه أحد بحضرة وجوده فليس عليه أن يعرفه منتظرا لربه ولا يمسكه حتى يفسد ولكن هو مخير في الصدقة به أو أكله إن كان فقيرا محتاجا إليه، فإن تعرفه ربه بعد ذلك ضمنه إن كان أكله وإن كان تصدق به فربه مخير بين الأجر والضمان كسائر اللقطة.
وبناء على ذلك فلا حرج في الانتفاع بذلك البيض والفراخ والتصرف فيهما بما تشاؤون كما لو كان لكم لكنكم ضامنون لها إن جاء أصحابها يوما من الدهر.
وللمزيد حول أحكام اللقطة انظر الفتويين رقم: 63555، 14971.
والله أعلم.