الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكر الشيخ الشنقيطي في الأضواء أن قوله تعالى: يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً {الإسراء:71}
فسره بعض العلماء بأن الإمام فيه هو كتاب أعمالهم ، واختاره ابن كثير ويدل له قوله تعالى: وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ {يــس:12} وقوله تعالى: وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{الجاثية:28}
وروى قتادة ومجاهد أن المراد بإمامهم نبيهم ويدل لهذا قوله تعالى: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ {يونس:47} وقوله تعالى: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا {النساء:41} وقوله تعالى: وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ {النحل:84} وقوله تعالى: وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ {الزمر:69}
وقال بعض أهل العلم: بإمامهم أي بكتابهم الذي أنزل على نبيهم من التشريع وقد اختار هذا القول ابن جرير الطبري.
وقال بعض أهل العلم: يوم ندعو كل أناس بإمامهم: أي ندعو كل قوم بمن يأتمون به، فأهل الإيمان أئمتهم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وأهل الكفر أئمتهم سادتهم وكبراؤهم من روساء الكفرة كما قال تعالى: وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار.
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله: وهذا الأخير أظهر الأقوال عندي ثم ذكر رحمه الله أن قوله تعالى: بعد هذا (فمن أوتي كتابه بيمينه) من القرائن الدالة على ترجيح ما اختاره ابن كثير.
والله أعلم.