الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمشكلات الأسرية والخلافات العائلية أمر عمت به البلوى، فلا يكاد يسلم منها بيت, وليس هذا في ذاته موطن إشكال، لأن طبيعة البشر الاختلاف, وإنما يقع الإشكال في كيفية التعامل مع هذه الخلافات إذ كثير من الناس يحيدون عن منهج الشرع في علاج مشكلاتهم خصوصا فيما يكون بين الزوجين وهذا ما يؤدي إلى تفاقمها وازديادها، وأنت قد غلب على ظنك أن هذه المشكلات إنما هي بسبب السحر فعليك ـ إذن ـ أن تسعى في علاج أسبابها عن طريق الرقية الشرعية المبينة في الفتاوى التالية أرقامها: 7151، 4310، 5433 116797، ولا بأس بعرض الأمر على بعض أهل العلم والدين المتخصصين في العلاج بالرقية الشرعية ـ كما تصنع ـ دون غيرهم من السحرة والمشعوذين.
ومادامت معاملة زوجتك مع أهلك في الأصل معاملة كريمة مبنية على احترامهم والتغاضي عن هفواتهم، فما حدث منها بعد ذلك من تغير الأحوال ينبغي النظر في أسبابه ودواعيه، فقد يكون سببه بخلاف أمر السحر كثرة تتابع إيذاء أهلك لها مع احتمالها، فإن النفس البشرية لها طاقة ووسع، فإذا زاد الأمر عليها فإنها تضعف عن تحمله وتعجز عن الصبر عليه, والحل ـ حينئذ ـ أن تنصح لأهلك ـ سواء الوالدين أو غيرهما ـ أن يحسنا صحبتها ومعاملتها، فإنها بمنزلة ابنتهم، ثم تقبل على زوجتك بعد ذلك فتلزمها توقير أهلك والكف عما يثير حفيظتهم ويؤذي مشاعرهم، واحذر أن تستزلك زوجتك إلى عقوق والديك أو التفريط في حقوقهما، فإن رضاهما عنك خير لك من الدنيا وما فيها.
أما بخصوص اعتداء زوجتك على زوجة أخيك بالضرب: فهذا لا يجوز وهو من العدوان خصوصا وأنها قد حاولت تكرار ذلك في وجود أبيك وهذا ـ لا شك ـ إساءة للوالد وانتقاص لقدره وهذا مما يثير حفيظته ـ ولا شك ـ فالواجب على زوجتك أن تتوب إلى الله سبحانه مما كان منها وأن تستحل زوجة أخيك من عدوانها عليها وتعتذر لأبيك عما كان منها من إساءة له.
أما ما يطلبه منك أبواك من تطليقها عند كل خلاف: فهذا لا يجوز لهما ولا يجب عليك أن تطيعهما فيه، وليس هذا من العقوق بشرط أن تردهما في ذلك ردا جميلا لا تعنيف فيه ولا إساءة ويستثنى من ذلك ما إذا كان أمرهما لك بتطليقهما يرجع إلى سبب شرعي معتبر كعدم استقامتها مثلا وإمعانها في مخالفة أمرك أو أذيتها لهما، فحينئذ تلزمك الاستجابة لأمر والديك، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء جوابا على سؤال رجل يطلب منه والده أن يطلق امرأته ما يلي: عليك إقناع والدك بعدم طلاق زوجتك، فإن أصر وجب عليك أن تطلقها إذا كان ذلك لأمر شرعي، أما إن كان أمره لك بطلاقها بغير مسوغ شرعي، فإنه لا يلزمك طاعته في ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف.
والواجب عليك أن تجتهد في إرضاء والدك وطلبه السماح لعل الله أن يهديه ويسمح لك بعدم طلاقها. انتهى.
ولو استطعت استئجار بيت خاص بك وبزوجتك فهذا هو الأولى ولو أن يتم هذا بصفة مؤقتة إلى أن تهدأ النفوس وتأتلف القلوب، فإن عجزت عن هذا فاصبر على ما أنت فيه وتحمل ما يكون من والديك من هنات أو هفوات في حقك، فحقهما عليك عظيم.
واعلم أنه لا يجوز لك اتهام زوجتك بسرقة هذه الأوراق بمجرد الظن والتوهم دون أن يكون لك على ذلك حجة ظاهرة أو قرينة قوية خصوصا وأنكم في بيت مشترك لا تستقل الزوجة بالتصرف فيه.
والله أعلم.