الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كنت تقصد بقولك ـ غير معروف الأب ـ كونه ابن زنا، فإنه ينسب لأمه خاصة دون غيرها، ففي مطالب أولى النهي: للرحيباني الحنبلي: ولا زوجة ابنه من زنا, لأنه ينسب لأمه، فزوجته أجنبية من الزاني. انتهى.
فولد الزنا ينسب إلى أمه في شهادة ميلاده أو غيرها من وثائق إثبات هويته كجواز السفر، ولا يخفى ما في ذلك من عدم الستر على أمه، مع أن الشرع الحنيف حث على الستر على أصحاب المعاصي، ويمكن الجمع بين هذا وذلك بما ذكره بعض أهل العلم: من أن الستر على أصحاب المعاصي غير واجب ـ سواء اشتهروا بالمعصية أم لا ـ ففي غذاء الألباب: للسفاريني الحنبلي: قال ابن مفلح: ولم أجد بين الأصحاب خلافا في أن من عنده شهادة بما يوجب حدا له أن يقيمها عند الحاكم، ويستحب أن لا يقيمها، لقوله عليه الصلاة والسلام: من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة.
فدل هذا على أن ستره لا يجب, وأنه ينكر عليه بطريقه، ولم يفرقوا بين أن يكون المشهود عليه مشهورا بالشر والفساد أم لا. انتهى.
وإن تعذرت نسبة ولد الزنا إلى أمه نسب إلى اسم غير حقيقي معبد لله تعالى: كابن عبد الله، أو عبد الرحمن مثلا: وراجع التفصيل في الفتويين رقم: 12263، ورقم: 127745.
أما نسبة عيسى إلى أمه مريم، فلا تصلح دليلا في هذا المجال، لأن عيسى عليه السلام ولد من غير أب، بخلاف ولد الزنا، وقد نبه بعض أهل العلم على أن الحكمة من تلك النسبة تنزيه أمه الطاهرة من قول اليهود والتنبيه على أنه لا ينتسب لأب، كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 112242.
والله أعلم.