الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما فعله أبوك من هذه الأفعال الشنيعة لا شك أنه من الذنوب العظيمة التي توجب غضب الله وسخطه, ولكنك مشاركة له في هذا الإثم، فقد كان من الواجب عليك أن تمنعيه عن هذه الأشياء منذ بدايتها وأن تذكريه بالله وعقابه وعذابه، فإن لم يستجب فهدديه بإبلاغ أمك وسائر أهلك فإن تمادى فكان عليك أن تعلمي بهذا من يملك زجره ومنعه كأمك مثلا أو بعض أرحامك, ولا يسوغ لك هذا التمادي ما تزعمين من خوفك منه وحرصك على ألا تهتز صورته أمام الناس، فهذا كله لا اعتبار به إذا ما انتهكت محارم الله, فالواجب عليك أن تستغفري لذنبك وتتوبي لربك مما كان منك من تهاون مع أبيك وأن تكثري من الأعمال الصالحة المكفرة لعل الله أن يعفو عنك.
أما عن أبيك فالواجب عليك أن تصارحيه بأن هذا الذي فعله إنما هو إثم عظيم وانتهاك صريح لحرمات الله وتعد لحدوده، واطلبي منه التوبة إلى الله جل وعلا، فإن عاد لأفعاله هذه مرة أخرى فكوني معه في غاية الحزم – دون إساءة أو إيذاء – فإن لم ينته فامنعيه من دخول بيتك فقد أغناك الله عنه وأخرجك من تحت سلطانه وقبضته.
فإن قدر لكما لقاء بعد ذلك فلا تجلسي معه منفردة بل لا يختلي بك أبدا، ولا تظهري أمامه إلا في كامل لباسك الشرعي بحيث لا يظهر منك إلا وجهك وكفاك فقط, وننصحك بكتمان هذا الأمر – ماضيه وحاضره - عن زوجك تماما حتى لا يفسد هذا علاقتك به وقد يؤدي إلى تشتيت شمل الأسرة وتفرق جمعها.
وفي النهاية ننبهك على أنه لا يجوز لأحد أن يجزم بأن الله لن يغفر لشخص بعينه مهما كان إثمه, ففي صحيح الإمام مسلم من حديث جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث أن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان، وأن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان؟ فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك. وفي شعب الإيمان للبيهقي من حديث جندب قال: وطئ رجل على عنق رجل وهو يصلي، فقال الرجل: والله لا يغفر الله لك هذا أبدا، فقال الله عز وجل: من هذا الذي يتألى علي أن لا أغفر له؟ فقد غفرت له وأحبطت عملك.
والله أعلم.