الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن حق الأم عظيم، وبرّها من أوجب الواجبات، كما أنّ عقوقها من أكبر الكبائر، ولاسيما إذا كان في حال ضعفها ومرضها، قال تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا {الإسراء: 23}.
وخدمة الأمّ ورعايتها واجبة على أولادها جميعاً، إمّا أن يوفروا لها من تقوم بخدمتها، وإما أن يقوموا بخدمتها بأنفسهم، فإذا كنتم لا تجدون من تقوم بخدمة أمكم، فالواجب عليكم القيام بذلك بالتناوب فيما بينكم، ولا يجوز لأختكم الامتناع من رعاية أمّها في نوبتها، ولا عذر لها في انشغالها عن هذا الأمر بتعليم القرآن، فإنّ تعليم القرآن ـ وإن كان من أفضل الأعمال ـ ليس بفرض متعين على هذه البنت، أمّا برّ أمّها ففرض متعين عليها. فعليها أن تتقي الله ولا تتبع هواها، ولتعلم أنّها إن كانت صادقة في طلب مرضاة ربها والفوز بالجنة فعليها أن تلزم قدمي أمّها، فعن معاوية بن جاهمة السلمي: أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك، فقال :هل لك من أم؟ قال نعم، قال: فالزمها، فإن الجنة تحت رجليها. رواه النسائي، وقال الألباني: حسن صحيح.
والله أعلم.