الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالوصية إذا كانت بثلث المال ولغير وارث فهي وصية صحيحة نافذة، سواء كانت وصية شفوية أو مكتوبة. والكتابة تثبت بها الوصية على الراجح من أقوال الفقهاء إذا ثبت أنها بخط الموصي لقوله صلى الله عليه وسلم: مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ. متفق عليه من حديث ابن عمر.
جاء في الموسوعة الفقهية: أَمَّا الْكِتَابَةُ : فَمُعْتَبَرَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِذَا كَانَتْ مُسْتَبِينَةً مَرْسُومَةً ، أَيْ مُسْطَرَةً عَلَى وَرَقٍ وَنَحْوِهِ ، وَمُعَنْوَنَةً أَيْ مُصَدَّرَةً بِالْعُنْوَانِ .... وَتَنْعَقِدُ الْوَصِيَّةُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِالْكِتَابَةِ، بِأَنْ نَوَى بِالْمَكْتُوبِ الْوَصِيَّةَ ، وَأَعْرَبَ بِالنِّيَّةِ نُطْقًا، أَوْ أَقَرَّ بِهَا وَرَثَتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَلاَ تَثْبُتُ الْوَصِيَّةُ بِالْخَطِّ الْمُجَرَّدِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَلاَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ : لإِِمْكَانِ التَّزْوِيرِ ... وَتَشَابُهِ الْخُطُوطِ .... وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ : تَثْبُتُ الْوَصِيَّةُ إِنْ كَانَتْ بِخَطِّ الْمُوصِي مَعَ الإِْشْهَادِ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهَا عَلَى الشُّهُودِ وَلَمْ يَفْتَحْ كِتَابَ الْوَصِيَّةِ .... وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ عَلَى الرَّاجِحِ : مَنْ كَتَبَ وَصِيَّةً ، وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهَا ، حُكِمَ بِهَا مَا لَمْ يُعْلَمْ رُجُوعُهُ عَنْهَا ، فَتَثْبُتُ الْوَصِيَّةُ ، وَيُقْبَل مَا فِيهَا بِالْخَطِّ الثَّابِتِ أَنَّهُ خَطُّ الْمُوصِي بِإِقْرَارِ وَرَثَتِهِ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ تُعَرِّفُ خَطَّهُ تَشْهَدُ أَنَّهُ خَطُّهُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ ثَلاَثَ لَيَالٍ، إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَمْرًا زَائِدًا عَلَى الْكِتَابَةِ ، فَدَل عَلَى الاِكْتِفَاءِ بِهَا، وَلأَِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ وَغَيْرِهِمْ مُلْزِمًا الْعَمَل بِتِلْكَ الْكِتَابَةِ ، وَكَذَلِكَ فَعَل الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ مِنْ بَعْدِهِ، وَلأَِنَّ الْكِتَابَةَ تُنْبِئُ عَنِ الْمَقْصُودِ ، فَهِيَ كَاللَّفْظِ . اهـ مختصرا.
والوصية المكتوبة بالطابعة إذا أشهد عليها الموصي أو أقر بها الورثة تثبت بها الوصية، وأما الكتابة المجردة بالطابعة من غير إشهاد ولا إقرار ورثة فلا تثبت بها الوصية لإمكان التزوير.
والله أعلم.