الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث المذكور قال عنه الإمام النسائي: هو حديث منكر، وقال: لا أعلم في الباب حديثا ضعيفا.
وقال عنه ابن الهمام في فتح القدير: ههنا طرق كثيرة متعددة لم تسلم من الطعن، ولذا قال الطحاوي: تتبعنا الآثار فلم نجد لها أصلا.
وقال في المبسوط: الحديث غير صحيح، ولئن سلم يحمل على الانتساخ، لأنه كان في الابتداء تغليظ الحدود.
وقال الإمام الشافعي عند هذا الحديث: منسوخ لا خلاف فيه عند أهل العلم.
انتهى من التلخيص الحبير.
ثم على تقدير صحة الحديث: فقد حمله العلماء على محامل متعددة، قَالَ الطِّيبِيّ: فِيهِ دَلَالَة عَلَى أَنَّ قَتْله هَذَا لِلْإِهَانَةِ وَالصَّغَار لَا يَلِيق بِحَالِ الْمُسْلِم ـ وَإِنْ اِرْتَكَبَ الْكَبَائِر ـ فَإِنَّهُ قَدْ يُعَزَّر وَيُصَلَّى عَلَيْهِ لَا سِيَّمَا بَعْد إِقَامَة الْحَدّ وَتَطْهِيره، فَلَعَلَّهُ اِرْتَدَّ وَوَقَفَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى اِرْتِدَاده، كَمَا فَعَلَ بِالْعُرَنِيِّينَ مِنْ الْمُثْلَة وَالْعُقُوبَة الشَّدِيدَة وَلَعَلَّ الرَّجُل بَعْد الْقَطْع تَكَلَّمَ بِمَا يُوجِب قَتْله.
انْتَهَى.
ذَكَرَهُ الْقَارِي: عون المعبود.
وَقَدْ قَالَ بَعْض أَهْل الْعِلْم ـ كَابْنِ الْمُنْكَدِر وَالشَّافِعِيّ : إِنَّ هَذَا مَنْسُوخٌ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ خَاصٌّ بِالرَّجُلِ الْمَذْكُور، فَكَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اطَّلَعَ عَلَى أَنَّهُ وَاجِبُ الْقَتْلِ، وَلِذَلِكَ أَمَرَ بِقَتْلِهِ مِنْ أَوَّلِ مَرَّةٍ، وَيَحْتَمِل أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ.
فتح الباري.
فَإِنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْتَهِد فِي تَعْزِيره وَإِنْ زَادَ عَلَى مِقْدَار الْحَدّ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يُقْتَل قُتِلَ، وَقَدْ يَدُلّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْحَدِيث أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِهِ لَمَّا جِيءَ بِهِ أَوَّل مَرَّة، فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون هَذَا مَشْهُورًا بِالْفَسَادِ مَعْلُومًا مِنْ أَمْره أَنَّهُ سَيَعُودُ إِلَى سُوء فِعْله، فَلَا يَنْتَهِي حَتَّى تَنْتَهِي حَيَاته.
عون المعبود.
والله أعلم.