الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأقل مدة الحيض عند الجمهور ـ من الشافعية والحنابلة ـ هي يوم وليلة، خلافا لمالك الذي يرى أن أقل مدة الحيض لا حد لها ووافقه شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ قال النووي في شرح المهذب مبينا مذاهب العلماء في هذه المسألة: قال ابن جرير: وأجمعوا على أنها لو رأت الدم ساعة وانقطع لا يكون حيضا، وهذا الإجماع الذي ادعاه غير صحيح، فإن مذهب مالك أن أقل الحيض يكون دفعة ـ فقط ـ واختلفوا فيما سوى ذلك فمذهبنا ـ المشهور ـ أن أقل الحيض يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر، قال ابن المنذر: وبه قال عطاء وأحمد وأبو ثور.
وقال الثوري وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: أكثر الحيض عشرة أيام، وأقله ثلاثة أيام.
انتهى.
وبناء على ما مر، فإذا كانت مدة هذا السائل الذي رأته زوجتك قد بلغت أقل مدة الحيض ـ وهي يوم وليلة ـ فقد كان يجب عليها أن تغتسل بعد رؤيتها للطهر، لأن هذا السائل الأحمر محكوم بكونه دم حيض، لكونه في زمن يصلح أن يكون فيه حيضا، وقد بينا المراد بزمن الحيض وضابطه في الفتوى رقم: 118286، ولم يكن يجوز لك جماعها قبل أن تغتسل من حيضها ذاك، في قول الجماهير من العلماء، قال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله: وقد اتفق العلماء على أن المرأة إذا انقطع حيضُها لا تحل حتى تغتسل بالماء، أو تتيمم ـ إن تعذر ذلك عليها ـ بشرطه، إلا يحيى بن بكير من المالكية.
وقال ابن عباس: حَتَّى يَطْهُرْنَ.
أي: من الدم.
فَإِذَا تَطَهَّرْنَ.
أي: بالماء، وكذا قال مجاهد وعكرمة والحسن ومقاتل بن حيان والليث بن سعد وغيرهم.
انتهى باختصار.
أما وقد حصل ما حصل: فالواجب عليكما التوبة إلى الله تعالى مما اقترفتماه، ولا تجب عليك كفارة حتى عند الحنابلة الذين يوجبون الكفارة في جماع الحائض، قال البهوتي في كشاف القناع: ولا تجب الكفارة بوطئها بعد انقطاع الدم وقبل الغسل، لمفهوم قوله في الخبر ـ وهي حائض ـ وهذه ليست بحائض.
انتهى.
وأما إذا كانت مدة هذا السائل الأحمر لم تبلغ يوما وليلة: فليس ذلك بحيض عند الجمهور، ومن ثم فلم يكن عليك حرج في جماع زوجتك ـ والحال هذه ـ خلافا لمالك ـ رحمه الله ـ وقول الجمهور هو المفتى به عندنا، كما في الفتوى رقم: 131326.
والله أعلم.