الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا عطس المصلي فهل يشرع له أن يحمد الله أو لا؟ في ذلك أقوال للعلماء، فمنهم من قال يحمد الله في نفسه ولا يحرك به لسانه، ومنهم من قال ولا في نفسه، ومنهم من قال يحمد الله ويحرك به لسانه بحيث يسمع نفسه،
جاء في خبايا الزوايا للزركشي الشافعي: إذا عطس في الصلاة حمد الله تعالى بلسانه وأسمع به نفسه ذكره في الروضة في آخر السير، لكن صرح الغزالي في الإحياء بأنه يحمد في نفسه ولا يحرك لسانه. انتهى.
وفي عمدة القاري للعيني: قال مالك: ومن عطس في الصلاة حمد في نفسه وخالفه سحنون فقال ولا في نفسه. انتهى.
والراجح أن من عطس في صلاته فإنه يحمد الله تعالى ويحرك بذلك لسانه لثبوت السنة الصحيحة به.
قال العلامة ابن باز رحمه الله: نعم ، يشرع له أن يحمد الله، لأنه ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع من يحمد الله بعد عطاسه في الصلاة فلم ينكر عليه . بل قال : لقد رأيت كذا وكذا من الملائكة كلهم يبتدرونها أيهم يكتبها؛ ولأن حمد الله من جنس ذكر الصلاة ، وليس بمنافٍ لها. انتهى.
وليس ذلك بواجب كما زعمته تلك المعلمة، بل غايته أن يكون مستحبا، وقد رأيت الخلاف في استحبابه بين العلماء، وأما تشميته إذا عطس فلا يجوز لمن هو في الصلاة لأنها لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، وأما تشميته لمن سمعه ممن ليس في صلاة فمحل بحث ذكره ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج.
جاء في حاشية إعانة الطالبين: وفي التحفة ما نصه وبحث ندب تشميت مصل عطس وحمد جهرا. انتهى،
وأما إجابة المصلي لمن شمته، فلا تجب بل ولا تستحب، وقال بعض الشافعية بجواز أن يجيب بقوله يرحمه الله أي بهاء الغيبة لئلا يكون فيه خطاب آدمي، وأما إجابته بالإشارة فلا نعلم من ذكرها من أهل العلم، وإنما يذكرون رد المصلي بالإشارة على من سلم عليه لثبوت ذلك في الأحاديث.
جاء في حواشي التحفة ما عبارته: قوله: (تشميت مصل الخ) وهل يسن له أي للمصلي إجابة هذا التشميت بلا خطاب سم، أقول: قضية قول النهاية ويجوز الرد بقوله وعليه التشميت بقوله يرحمه الله لانتفاء الخطاب اه حيث عبر بالجواز عدم سن إجابة التشميت. انتهى.
والله أعلم.