الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أيتها الأخت الفاضلة أن هذا الدين يسر، وأن الله تعالى رحيم بعباده لطيف بهم، فلا يكلف نفسا إلا وسعها، فعليك أن تطرحي عنك الوسواس، وأن تؤدي عباداتك بصورة طبيعية، فإن استرسالك مع الوسواس من أعظم أسباب الشر، وهو يفوت عليك مصالح دينك ودنياك، وحسبك أن فضيلة الصلاة في أول الوقت تذهب عليك، بل ربما خرج الوقت وأنت مشتغلة بهذا الوسواس ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهذا الوسواس من أعظم الأبواب التي يدخل منها الشيطان على العبد ليفسد عليه دينه ودنياه، فالواجب عليك أن تعرضي عن هذا الوسواس، فإذا دخلت الخلاء فاقضي حاجتك واستنجي، فإذا غلب على ظنك أنك قد أنقيت المحل فقومي ولا تكرري الاستنجاء، ثم توضئي ولا تزيدي في غسل العضو عن المرات الثلاث فإن من زاد على ذلك فقد أساء وتعدى وظلم كما صح عنه صلى الله عليه وسلم، وإذا قال الشيطان لك إنك لم تغسلي هذا العضو أو إن الماء لم يصل إلى ذاك العضو فقولي له بلسان حالك: بلى قد غسلته وبلى قد وصل الماء إليه، فإن الشيطان ليس لك بناصح ولا هو على صحة عبادتك بحريص.
يقول شيخ الإسلام رحمه الله واصفا علاج الوسوسة: وهذا الوسواس يزول بالاستعاذة وانتهاء العبد، وأن يقول إذا قال لم تغسل وجهك : بلى قد غسلت وجهي . وإذا خطر له أنه لم ينو ولم يكبر يقول بقلبه: بلى قد نويت وكبرت . فيثبت على الحق ويدفع ما يعارضه من الوسواس، فيرى الشيطان قوته وثباته على الحق فيندفع عنه، وإلا فمتى رآه قابلا للشكوك والشبهات مستجيبا إلى الوساوس والخطرات أورد عليه من ذلك ما يعجز عن دفعه وصار قلبه موردا لما توحيه شياطين الإنس والجن من زخرف القول وانتقل من ذلك إلى غيره إلى أن يسوقه الشيطان إلى الهلكة. انتهى.
فحذار أيتها الأخت الفاضلة من أن يسوقك الشيطان إلى هذه الحال، وانظري للفائدة الفتوى رقم: 51601.
وأما عن المذي والمني فقد بينا الفرق بينهما في حق المرأة في الفتوى رقم: 45075. فإذا شككت هل خرج منك شيء أو لا فلا تلتفتي إلى هذا الشك وابني على الأصل وهو أنه لم يخرج منك شيء، ولا يلزمك أن تفحصي ولا أن تفتشي عن الأمر فإن ذلك قد يكون استرسالا مع الوسواس، وإذا تيقنت أنه قد خرج منك شيء فإن كان مذيا وهو أبيض رقيق يخرج عند التفكير أو الملاعبة ولا يعقب خروجه الفتور في البدن فعليك أن تطهري المحل وتتوضئي وضوءك للصلاة، وإن كان منيا ومني المرأة رقيق أصفر تشبه رائحته رائحة مني الرجل فالواجب عليك أن تغتسلي، وإن لم يكن أحدهما بأن كان من الإفرازات العادية التي تعرفها النساء والمعروفة عند العلماء برطوبات فرج المرأة فإنها طاهرة على الراجح عندنا ولكنها موجبة للوضوء، والظاهر أن ما ترينه من الإفرازات التي تخرج لغير شهوة هو من هذا النوع.
وانظري لبيان أنواع الإفرازات الخارجة من فرج المرأة وحكم كل منها الفتوى رقم: 110928، وإذا شككت هل الخارج منك مني أو مذي فإنك تتخيرين بينهما كما هو مذهب الشافعي وهو الأرفق بالموسوس، وانظري الفتوى رقم: 64005، وإذا توضأت من المذي ثم خرجت منك رطوبات الفرج مثلا فيجب عليك أن تعيدي الوضوء لكون هذه الرطوبات ناقضة للوضوء كما أسلفنا.
والله أعلم.