الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فشكر الله لكم جهودكم في الدعوة إلى الإسلام وتعريف غير المسلمين بهذا الدين الحنيف، ولا نرى مانعاً مما ذكرته من قيام بعض الطلبة بأداء الصلاة بمشهد من الكفار ليتعرفوا على كيفية صلاة المسلمين، ولا نرى حرجاً من المساهمة في هذا الأمر، وليس ذلك من الرياء إذا خلصت النية وكان مقصود المصلين ابتغاء وجه الله بالصلاة والتقرب إليه تعالى ببيان صفتها الكاملة لمن يجهل حقيقة الإسلام عل الله أن يهديهم بذلك، وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما اتخذ المنبر قام عليه فصلى ليرى الناس صلاته، وكان إذا أراد أن يسجد نزل فسجد في أصل منبره، ثم قال لأصحابه بعد ما فرغ: إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي.
قال الحافظ في الفتح: قال ابن عبد السلام: يستثنى من استحباب إخفاء العمل من يظهره ليقتدى به أو لينتفع به ككتابة العلم ومنه حديث سهل الماضي في الجمعة لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي. قال الطبري كان ابن عمر وابن مسعود وجماعة من السلف يتهجدون في مساجدهم ويتظاهرن بمحاسن أعمالهم ليقتدى بهم. انتهى.
وقد نص كثير من الفقهاء على أن تشريك نية أخرى مع نية الصلاة كنية التعليم ونحوها مما لا يؤثر في صحة الصلاة.
قال الرحيباني في مطالب أولى النهى: ولا يمنع صحتها أي: صحة الصلاة (بعد إتيان بها) أي: بنية (معتبرة قصد تعليمها) أي: تعليم الصلاة لفعله صلى الله عليه وسلم في صلاته على المنبر. انتهى.
فهذا الفعل بهذا المقصد هو من هذا القبيل والعلم عند الله تعالى، وقد كانت رؤية مشهد المصلين من المسلمين وإقبالهم على الله تعالى في صلاتهم وما اتسمت به الصلاة من الخصائص العظيمة سبب انبهار كثير من الكفار ودخولهم في الإسلام فقط لمجرد رؤية منظر المسلمين وهم يصفون أقدامهم في خشوع بين يدي ربهم تبارك وتعالى، وقد ذكر الشيخ محمد إسماعيل المقدم طرفاً صالحاً من ذلك في كتابه لماذا نصلي، فليراجعه من شاء.
والله أعلم.