الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمعارضة الوالدين لزواج ابنهما لها حالتان:
الحالة الأولى: أن يعارضاه في أصل الزواج ـ بأن يطلبا منه ترك الزواج أصلاً أو تأخيره مع حاجته إليه ـ وهذا لا يجوز لهما، لأنهما بذلك يعرضانه للفتنة ويصدانه عما ندبه إليه الشرع وحثه عليه، ولذلك لا تجب عليه طاعتهما في ذلك، بل عليه أن يحاول إقناعهما، فإن أصرا على ذلك فليتزوج ولو بغير رضاهما، وعليه بعد ذلك أن يحرص على استرضائهما وتطييب خواطرهما، فإن حقهما عليه عظيم ولا يسقط بحال، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 56813.
الحالة الثانية: أن يطلبا منه ترك الزواج من امرأة بعينها، فالأصل أن يقدم طاعة والديه، لأن طاعة الوالدين واجبة، والزواج من امرأة بعينها غير واجب، ولكن إن تعلق قلب الرجل بالفتاة وكانت ذات دين وخلق وخشي خشية حقيقية أن يقع معها في الفتنة جاز له أن يتزوج منها ولو لم يرض بذلك والده، ويشترط لهذه الخشية أن تكون مستندة لأسباب موضوعية ومع هذا، فإنه ينبغي قبل الإقدام على الزواج أن يحاول إقناعهما، وأن يبذل كل وسيلة تعينه على ذلك، لأن اقتناعهما أدعى لنجاح الزواج واستقرار الحياة الزوجية، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 93194.
وفي كل الأحوال، فإن الواجب على الرجل أن يبر والديه وأن يسترضيهما بكل سبيل، فحقهما عليه عظيم، وعليه ـ أيضاً ـ أن يحفظ حقوق إخوته وسائر أرحامه فيبذل لهم ما يجب عليه من البر والصلة، فإن صلة الرحم من أعظم الواجبات وقطعها من أقبح المنكرات، وقد بينا هذا في الفتويين رقم: 5443، ورقم: 4417.
والله أعلم.