الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فطاعة المرأة لزوجها من أوجب الواجبات التي فرضها الله عليها، قال صلى الله عليه وسلم: إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي من أي أبواب الجنة شئت. رواه أحمد.
وعن حصين بن محصن قال: حدثتني عمتي قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في بعض حاجة فقال: أي هذه، أذات بعل أنت؟ قلت نعم: قال: كيف أنت له؟ قالت ما آلوه إلا ما عجزت عنه. قال: فأين أنت منه، فإنما هو جنتك أو نارك. رواه مالك والحاكم وغيرهما.
ولتعلم الزوجة أن حق الزوج مقدم على سائر الحقوق بعد حق الله وحق رسوله صلى الله عليه وسلم، وطاعته مقدمة على طاعة الأم والأب ، والقيام بحقوقه مقدم على القيام بحقوق الوالدين فمن دونهما، وهذا أمر معروف وأدلته مستفيضة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى: المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها وطاعة زوجها عليها أوجب. انتهى.
وعلى ذلك فالواجب عليك أن تسافري لزوجك حيث طلب ذلك منك، وأن أدى ذلك إلى غضب أمك عليك، فإن غضبها في هذه الحالة لا عبرة به، لأنه في معصية الله.
وعليك بعد ذلك أن تصبري على أمك وعلى إساءاتها إليك، وأن تقابلي تصرفاتها بالعفو والصفح، فحقها عليك عظيم، واعلمي أن تقصيرها في حقك وإساءتها إليك لا يسوغ لك مقابلته بالمثل، وليكن الإحسان إليها ومجاملتها في غير معصية الله، فلا يجوز لك مثلا أن تخرجي أسرار بيتك التي يكره زوجك خروجها إرضاء لأمك؛ لأن هذا من الخيانة. وقد بينا هذا في الفتويين رقم: 27320، 12911.
وعليك أيضا أن تصلي أرحامك من إخوتك وأخواتك وغيرهم حتى وإن قطعوك، فليس الواصل الذي يصل من وصله، ويحسن إلى من أحسن إليه فحسب، فهذه مكافأة وإنما الواصل الذي يصل من قطعه، ويحسن إلى من أساء إليه، روى البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.
واعلمي أنك بهذا تفوزين برضا الله سبحانه وعونه، ففي صحيح مسلم أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلى، وأحلم عنهم ويجهلون على، فقال لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك.
وفي صحيح مسلم أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله.
وأما الانتحار فإنه كبيرة من كبائر الذنوب، وكثيرا ما يوسوس الشيطان للإنسان أنه هو الحل لما يعانيه من مشكلات، وهذا وهم كبير، فإنه وإن كان صاحبه سيهرب به من شقاء الدنيا، فإنه سينتقل إلى الشقاء الأعظم في نار الجحيم والعياذ بالله. ولمزيد الفائدة يمكن مراجعة الفتوى رقم: 10397.
والله أعلم.