الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد
فننصحك ـ أولاً ـ بأن تهون على نفسك، فإنك وإن كنت قد أصبت بهذا البلاء، فإن الله تعالى قد يجعل في داخل المحنة منحة، ويجعل في النقمة نعمة، كما ذكر ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ فنرجو أن تتدبر قول الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
ثم إن في الصبر على البلاء كثيراً من العواقب الحميدة، فاقرأ معنا الحديث الذي رواه مسلم عن صهيب الرومي ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عجبا لأمر المؤمن ـ إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ـ إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له.
وللمزيد عن فضائل الصبر راجع في ذلك الفتوى رقم: 18103.
ومما يعينك على الصبر نظرك إلى من هو دونك ممن فقد كثيراً من النعم العظيمة ـ كنعمة السمع أو نعمة البصر أو نعمة الكلام أو غير ذلك من النعم ـ فعندئذ يتبين لك أنك في كثير من النعم من الله تعالى، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: انظروا إلى ما أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله. رواه مسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه.
وأما الانتحار: فذلك هو الداء العضال، وليس فيه حل لمشكلة أو نيل لراحة، بل فيه انتقال من شقاء الدنيا إلى الشقاء الأعظم في الآخرة، وفيه خسران الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن شرب سماً فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً.
من مثل هذا الوعيد، فليكن خوفك، ومن رب العالمين سبحانه فلتكن خشيتك، ولماذا تنتحر؟ أمن أجل دنيا فانية، مصيرها إلى زوال ولو ملكها العبد بكاملها؟ قال الله تعالى: قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً {النساء:44}. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 10397.
ونوصيك بالإكثار من ذكر الله تعالى وطاعته ولزوم بيته سبحانه، والحرص على مصاحبة الأخيار والاجتهاد في استئناف حياتك كأن شيئاً لم يكن، وعليك مراجعة أهل الاختصاص من الأطباء فلعلهم يرشدونك إلى ما فيه الخير لك، وخاصة مع وجود هذا التقدم العلمي في مجال الطب.
والله أعلم.