الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاللفظ الذي اطلعنا عليه في صحيح البخاري: قول عائشة ـ رضي الله عنها: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عمال أنفسهم، وكان يكون لهم أرواح، فقيل لهم: لو اغتسلتم. متفق عليه.
ويتضح معنى الحديث أكثر بما في رواية مسلم عن عائشة أنها قالت: كان الناس أهل عمل ولم يكن لهم كُفاة فكانوا يكون لهم تفل فقيل لهم: لو اغتسلتم يوم الجمعة؟.
كفاة: خدم يكفونهم العمل.
تفل: رائحة كريهة.
فمعنى الحديث: أن الصحابة لم يكن عندهم خدم يكفونهم مؤنة العمل، بل كانوا يعملون بأنفسهم فيعرقون فتكون لهم ريح كريهة، فكانوا يحضرون صلاة الجمعة على هيئتهم هذه، فقيل لهم: لو اغتسلتم لذهبت عنكم تلك الريح الكريهة حتى تحضروا الجمعة في أحسن هيئة، قال في عمدة القاري شرح صحيح البخاري: والأرواح: جمع ريح، وأصله: روح، قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها.
وأراح اللحم: أي أنتن.
وكانوا يعملون، فيعرقون ويحضرون الجمعة تفوح تلك الروايح عنهم، فقيل لهم: لو اغتسلتم.
وجواب ـ لو ـ محذوف، يعني: لو اغتسلتم لذهبت عنكم تلك الروائح الكريهة.
وفيه ما كان عليه الصحابة من اختيارهم الكسب بأيديهم وما كانوا عليه من التواضع.
وقال النووي في شرح صحيح مسلم: فيه أنه يندب لمن أراد المسجد أو مجالسة الناس أن يجتنب الريح الكريهة في بدنه وثوبه.
والله أعلم.