الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد فرق الفقهاء بين المتولي لأمر الوقف، وبين الناظر فيه إذا اجتمعا في وصية الواقف، فالمتولي: هو من فوض إليه التصرف في مال الوقف.
والناظر: هو الذي يلي الوقف وحفظه وحفظ ريعه وتنفيذ شرطه.
ونقل ابن عابدين عن الخيرية: أن القيم والمتولي والناظر في كلامهم واحد، ثم قال: هذا ظاهر عند الإفراد، أما لو شرط الواقف متوليا وناظرا عليه كما يقع كثيرا فيراد بالناظر المشرف. هـ.
وعلى ذلك، فالأخوان المذكوران في السؤال لهما حكم المتولي، والأخت الكبرى لها حكم الناظر أو المشرف والفقهاء يطلقون لفظ المشرف على من يكون له حفظ مال الوقف دون التصرف فيه، وذهبوا إلى أنه لا يجوز للناظر أن يفوض النظر إلى من أراد أو يوصي بالنظر إلى غيره، إلا إذا كان الواقف جعل له ذلك وفوضه فيه وهذا في الجملة، كما في الموسوعة الفقهية.
وظاهر السؤال: أن الواقف أو الموصي لم يفوض للمشرفة الأمر، بل عينها دون تفويض، فإن كان كذلك فليس لها أن تولي غيرها النظر على هذا الوقف، ولكن لها أن توكل غيرها ممن هو أهل للنظر في هذا الوقف أو الوصية مدة غيابها، ففي تنقيح الفتاوى الحامدية: الوصي يملك أن يوكل غيره بكل ما يجوز له أن يعمل بنفسه والوصي كالناظر، لأن الوصية والوقف أخوان يستسقي كل منهما من الآخر كما صرحوا به. هـ.
وقد أعد الدكتور عبد العزيز بن محمد الحجيلان بحثا بعنوان: الولاية على الوقف وأثرها في المحافظة عليه لندوة الوقف في الشريعة الإسلامية ومجالاته، فقال ـ بعد عرض خلاف أهل العلم في مسألة تفويض الولاية على الوقف وبيان أدلة الأقوال: الذي يظهر رجحانه في هذه المسألة ـ والله أعلم بالصواب ـ هو القول الأول القائل بعدم صحة تفويض المتولي ولاية فرعية بغير إذن ممن ولاّه مطلقاً ـ سواء كان ذلك في الصحة أو في مرض الموت ـ وذلك لقوة ما استدلوا به، ولأنه لو صح تفويض المريض لصح تفويض الصحيح من باب أولى لأن تصرف الصحيح أقوى من تصرف المريض، ولذلك مُنِعَ المريض من كثير من التصرفات حتى في ماله الخاص. هـ.
وقال ـ قبل ذلك ـ في مسألة التوكيل في النظر على الوقف: اتفق أصحاب المذاهب الأربعة ـ الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة ـ على أن للناظر الحق في أن يوكّل من يقوم مقامه في التصرفات التي يملكها أو بعضها. ونقل المرداوي عن بعض الفقهاء: الإجماع على صحة الوكالة في الوقف. هـ.