الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تقدم أن ستر المرأة لوجهها وكفيها أمام الأجانب واجب على الراجح من أقوال العلماء أمنت الفتنة أو لم تؤمن، أما عند خوف الفتنة فقد اتفق جمهورهم على الوجوب. وراجعي لذلك الفتاوى رقم: 4470، 1111، 4553.
وقولك إن النقاب غير مرغوب فيه للعازبة فقول عجيب لأنك إن كنت تقصدين أنه غير مرغوب فيه عرفا بين الناس فإنه لا عبرة بالعرف إذا خالف الشرع وقد قال الله عز وجل: وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ.{الأنعام:116}.
والإنسان مأمور بأن يفعل ما يرضى الله ولو أسخط الناس. وإن كنت تقصدين أنه غير مرغوب فهذا قول عظيم ينبغي عليك المسارعة بالتوبة إلى الله منه لأن هذا من القول على الله بغير علم وهو محرم ولو أصابه صاحبه فكيف إذا تقول على الله بالباطل قال تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ. {الأعراف:33}.{الأعراف/33}
قال ابن القيم عند تفسيره لهذه الآية: فرتب المحرمات أربع مراتب وبدأ بأسهلها وهو الفواحش، ثم ثنى بما هو أشد تحريما منه وهو الإثم والظلم، ثم ثلث بما هو أعظم تحريما منهما وهو الشرك به سبحانه، ثم ربع بما هو أشد تحريما من ذلك كله وهو القول عليه بلا علم. وهذا يعم القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله وفي دينه وشرعه وقال تعالى: وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ* مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. {النحل: 116}.
فالواجب عليك أيتها السائلة أن تسارعي إلى لبس النقاب طاعة لله أولا وطاعة لأبيك ثانية ووفاء بوعدك الذي وعدته إياه ثالثة.
وننبه: أنك إذا كنت تقصدين أن ستر وجهك الآن قد يؤخر زواجك بسبب عدم اطلاع الراغبين في الزواج عليك فأنت واهمة، فأكبر ما يعظم المرأة في قلب الرجل ويدعوه إلى الزواج بها هو اطئمنانه لعفتها والحجاب الكامل هو عنوان العفة.
والله أعلم.