الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا ننصح هذه السائلة بطلب الطلاق، لما في الطلاق من عواقب سيئة تطول جميع الأطراف، خصوصا الأولاد وما دام زوجك يتقي الله سبحانه ويوفيك حقوقك ـ من النفقة والقسم والمبيت ونحو ذلك ـ فلتصبري ـ إذاً ـ على ما تجدينه من مشاعر النفور وما تدعينه من تعب نفسي، ولتعلمي أن مثل هذه الأمور قد تكون مجرد أوهام من كيد الشيطان وسووسته، حتى وإن افترضنا ضعف الناحية العاطفية بينكما، فهناك مصالح أخرى تدعو إلى دوام العشرة مع ضعف الحب، وقد ندب الله سبحانه الرجال إلى إمساك أزواجهم وإن كرهوهن، فقال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}.
قال ابن العربي عند تفسيره لهذه الآية: المعنى: إن وجد الرجل في زوجته كراهية، وعنها رغبة، ومنها نفرة من غير فاحشة ولا نشوز، فليصبر على أذاها وقلة إنصافها، فربما كان ذلك خيرا له. انتهى.
وقال عمر لامرأة سألها زوجها، هل تبغضه؟ فقالت: نعم: فقال لها عمر: فلتكذب إحداكن ولتجمل فليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام. أورده في كنز العمال.
وكثير من النساء يسول لهن الشيطان طلب الطلاق لمثل هذه الأمور ثم لا يلبثن ـ إذا انقشع غبار المحنة ـ أن يندمن على الطلاق ويتحسرن على الفراق وتتمنى الواحدة منهن أن لو رجعت إلى زوجها، فاتقي الله ـ أيتها السائلة ـ في نفسك وزوجك واعلمي أن من نعم الله عليك أن منَّ عليك بزوج يخاف الله ويتقيه ولا يتعدى حدوده، وسلي الله سبحانه أن يؤلف بينك وبين زوجك وأكثري من الدعاء والتضرع، فإن الله سبحانه كريم يجيب دعوة المضطر إذا دعاه.
فإن بذلت الأسباب ولم تهدأ نفسك، بل استمرت المعاناة وخشيت أن يؤدي بك ذلك إلى التقصير في حقه، فلا حرج عليك ـ حينئذ ـ في طلب الطلاق من زوجك، فإن رفض فاطلبي منه الخلع.
والله أعلم.