الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيمكن إجمال الجواب في النقاط التالية:
أولا: الحرمة لا تتعلق بعين النقود أو بما اشتري بالمال الحرام وإنما تتعلق بذمة آخذه، لكن ما دمت تذكرين أنه لم يكن لأبيك مصدر رزق غير راتبه، فلا حرج عليه فيما أنفق على نفسه وعياله بقدر الحاجة، لأن للفقير أن يأخذ من المال الحرام الذي اكتسبه ويكون ما أخذه منه في حاجته حلالا عليه ولا يلزمه رد عوضه إن استغنى وأيسر كغيره من الفقراء الذين يجوز صرف المال الحرام إليهم.
قال النووي في المجموع: وإذا دفعه -المال الحرام- إلى الفقير لا يكون حراماً على الفقير بل يكون حلالاً طيباً، وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إن كان فقيراً، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم؛ بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ قدر حاجته لأنه أيضاً فقير. انتهى كلامه.
وبناء عليه فنرجو ألا يكون عليه حرج أو تبعة فيما كان ينتفع به من راتبه إذا لم يكن يقدر على الكسب الطيب ولم يجد بدا من إنفاق هذا المال في حاجته الضرورية وحاجة من يعول.
ولا يلزمه أن يخرج قدر راتبه عن الأعوام الماضية على هذا الافتراض المتقدم، وليكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة والصدقات إذ الحسنات يذهبن السيئات.قال تعالى: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ. {هود:114}.
وينبغي أن تبيني له ذلك فهو من البر به، ولو لم تستطيعي خشية منه فيمكنك أن تسلطي عليه من يستطيع نصحه ووعظه من أهله وأقاربه وغيرهم.
ثانيا : لاحرج في العمل في البنوك الإسلامية المنضبطة بالضوابط الشرعية في معاملاتها والانتفاع بالراتب الذي تعطيه للعامل نظير ما يقدمه من عمل مباح .
ثالثا: لا حرج في انتفاعكم بما لدى أبيكم من مال حلال ولا تأثير لما كان يفعله سابقا على ما يتقاضاه من أجر عن عمل مشروع حتى ولو لم يكن معذورا فيما أقدم عليه سابقا فإن الحرام إنما يتعلق بذمته، ولا تأثير له على ما لديه من أموال مباحة فيجوز لك أن تنتفعي بما يصرفه عليك.
والله أعلم.