الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الحل في مثل هذه الأمور إنما يكمن في تراضي الأطراف وتصالحهم على أمر بعينه يحقق المصلحة للأطراف جميعا، لأن حكم الشرع في مثل هذه الأحوال غالبا ما يرجع إلى العرف الجاري بين الناس أو ما يتصالحون عليه، وكل ما يلزم الزوج هنا هو دفع المهر سواء دفعه على هيئة مال أو ما يسمى بالشبكة أو كتب به قائمة كما جرى به العرف في بعض البلدان، وقد بينا هذا في الفتوى رقم:45190.
وأما مسألة تقديم الشبكة فيرجع فيها إلى تحديد ماهية الشبكة فإن جرى العرف بأنها جزء من المهر وهذا هو الظاهر ـ فإنها تأخذ حكمه حرفا بحرف، أما إن كانت مجرد هبة من الزوج لزوجته أو عارية فإنها حينئذ لا تلزم الزوج إلا برضاه وطيب نفسه، ويراجع في ذلك الفتوى رقم: 17989.
لكنا نقول إذا تم العقد ودفع الزوج المهر فإنه لا تؤخر عنه زوجته إذا ما طلبها، فإن اختلفوا هل يدفع الزوج المهر أولا أو تسلم إليه زوجته أولا؟ أجبر هو على دفع المهر ثم تجبر الزوجة على تسليم نفسها.
جاء في المغني لابن قدامه: قال ابن المنذر : وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن للمرأة أن تمتنع من دخول الزوج عليها حتى يعطيها مهرها، وإن قال الزوج لا أسلم إليها الصداق حتى أتسلمها أجبر الزوج على تسليم الصداق أولا ثم تجبر هي على تسليم نفسها. انتهى.
أما تجهيز المنزل فالأصل أنه يلزم الزوج وهو وحده الذي يطالب به.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: الْمَهْرُ حَقٌّ خَالِصٌ لِلزَّوْجَةِ تَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ تَشَاءُ فَلَيْسَ عَلَيْهَا إِعْدَادُ الْبَيْتِ حَيْثُ لاَ يُوجَدُ نَصٌّ مِنْ مَصَادِرِ الشَّرِيعَةِ يُوجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ أَنْ تُجَهِّزَ بَيْتَ الزَّوْجِيَّةِ، كَمَا أَنَّهُ لاَ يُوجَدُ مَا يَدُل عَلَى أَنَّ الْجِهَازَ وَاجِبٌ عَلَى أَبِيهَا وَلَيْسَ لأَِحَدٍ أَنْ يُجْبِرَهَا عَلَى ذَلِكَ فَإِذَا قَامَتْ بِالْجِهَازِ وَمَا يَلْزَمُ مِنْ أَثَاثٍ وَأَدَوَاتٍ فَهِيَ مُتَبَرِّعَةٌ عَلَى الزَّوْجِ فَهُوَ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ بِكُل مَا يَلْزَمُ لإِِعْدَادِ مَسْكَنِ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ فَرْشٍ وَمَتَاعٍ وَأَدَوَاتٍ مَنْزِلِيَّةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْبَيْتُ لأَِنَّ ذَلِكَ مِنَ النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ لِلزَّوْجَةِ. انتهى.
ومجرد الخلاف في ذلك بين الخاطب وأهلك لا يعني أن هذا الرجل غير متمسك بالزواج منك بل لعله يريد ذلك ولكن لا يروق له تصرفات أهلك، ولكنا ننبهك على أمرين:
الأول: أن هذا الرجل أجنبي عنك فلا يجوز لك أن تختلي به ولا أن تنبسطي معه في المعاملة وليكن اتصالك به عن طريق بعض محارمه من النساء أو يتصل هو بأوليائك.
الثاني: أنه لا يجوز لأوليائك تعطيل زواجك بهذا الرجل لأجل هذه الأمور الجانبية ما دام كفؤا لك، وترغبين أنت في الزواج منه.
والله أعلم.