الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك في حرمة الظلم المذكور في السؤال حيث منع هذا الشخص المسؤول عنه الحق أهله، وأعطاه إلى غير مستحقه، استئثاراً به ومحاباة لابنه، ومثل هذا لا حرج في ذكره بما صنع، لقوله تعالى: لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ {النساء:148}، قال مجاهد: هو الرجل ينزل بالرجل فلا يحسن ضيافته فيخرج فيقول: أساء ضيافتي، ولم يحسن. انتهى.
وذكر ابن الجوزي في (زاد المسير) في تفسير هذه الآية ثلاثة أقوال، منها: أن يخبر المظلوم بظلم من ظلمه، وقال: رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد. انتهى. والسائل الكريم -زاده الله حرصاً- إنما يسأل عن الأفضل، ولا شك أن الستر في مثل الحال المذكورة هو الأفضل، لعموم أدلة الترغيب في ستر المسلم كقوله صلى الله عليه وسلم: من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة. متفق عليه. ولأن التشهير ليس فيه الآن منفعة للسائل إلا الانتصاف من ظالمه، والعفو أقرب للتقوى، ولذلك تجد بعد قوله تعالى: لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ {النساء:148}، قوله عز وجل: إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا {النساء:149}، وكذلك في قوله تبارك وتعالى: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40}، وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 114568، والفتوى رقم: 114087.
والله أعلم.