الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد
فقد أوجب الله سبحانه على المرأة الحجاب الشرعي وفرضه عليها فرضاً متحتماً لا يسعها تركه ولا التفريط فيه، ولا يكون اللباس شرعياً إلا إذا استوفى شروطاً ومواصفات سبق بيانها في الفتوى رقم: 6745، والفتوى رقم: 13452.
فالواجب عليك أن تسارعي بامتثال أمر الله سبحانه بالحجاب، ولا شك أن ما تقومين به من الأعمال الصالحة أمر حسن جميل ولكنه لا يغني عن الحجاب، ومن ظن أنه بكثرة صلاته وصيامه يسعه ترك الحجاب فهو خاطئ آثم جاهل؛ لأن الحجاب فرض من الله على المرأة شأنه شأن سائر الواجبات... ولكن نحذرك أن يستزلك الشيطان فتتركي ما أنت عليه من الأعمال الصالحة بسبب تفريطك في الحجاب، فهذا لا يجوز وهو من تلبيس الشيطان على كثير من الناس، فإن الطاعات الواجبة لا يجوز للمكلف تركها بحال ما دام قادراً عليها، فبادري -رحمك الله- إلى لبس الحجاب الشرعي، وداومي على ما أنت عليه من الصلاة وغض البصر وترك سائر المنكرات، فإن الصلاة وكثرة ذكر الله حصن حصين من الوقوع في حرمات الله، قال سبحانه: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ {العنكبوت:45}، جاء في تفسير البغوي: وقال عطاء في قوله: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ. من أن تبقى معه معصية. انتهى.
وجاء في الحديث أن يحيى بن زكريا عليه السلام قال لبني إسرائيل: وآمركم بذكر الله كثيراً، ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعاً في أثره، فأتى حصنا حصينا، فأحرز نفسه فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله تعالى. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.. واعلمي أن من ثمرات الحسنة حسنة أخرى مصداقاً لقوله تعالى: وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ {الشورى:23}، جاء في تفسر ابن كثير: وقال بعض السلف: إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، ومن جزاء السيئة السيئة بعدها.
والله أعلم.