الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاتخاذ الرجل امرأة أجنبية عنه صديقة أو خليلة أمر محرم في الإسلام، وهو من أعظم المنكرات، والتي جاءت الشريعة بالنهي والزجر عنها، وكم أحدثت تلك الصداقات من مفاسد عظيمة، لا يعلمها إلا الله تعالى، وكم جرت أصحابها إلى انتهاك حرمات الله وتعدي حدوده، ولا عجب فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. رواه البخاري ومسلم.
وقد أمر الله سبحانه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا سألوا أمهات المؤمنين أن يسألوهن من وراء حجاب، وعلل سبحانه ذلك بأنه أطهر لقلوب المخاطبين والمخاطبات فقال سبحانه: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ. {الأحزاب:53}.
فإذا كان هذا في شأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم، والمخاطبون لهن هم أصحابه رضي الله عنهم ـ وهن لهم أمهات فما بالك بغيرهن وغير الصحابة؟
فالأصل في خطاب الرجل للمرأة الأجنبية أن يكون على قدر الحاجة، وأن يكون من وراء حجاب، وألا يشتمل على خضوع بالقول ولا على خلوة بها في مكان منفرد.
هذه هي الضوابط التي وضعها خالق الذكر والأنثى وهو أعلم بما يصلحهما. أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ. {الملك: 14}.
وأي علاقة بينهما لم تتوفر فيها هذه الضوابط فهي غير جائزة مهما كانت النيات والمقاصد، وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 21582. نصوص الفقهاء في المنع من التحدث مع الأجنبية الشابة.
ومعرفة أهل هؤلاء الشباب والفتيات بهذه العلاقات لا يغير من الأمر شيئا ولا يصير الحرام حلالا بل فيه معصية أخرى، ومنكر يضاف إلى جملة المنكرات ألا وهو الدياثة، فإن من يرضى لابنته أن تصادق شابا أجنبيا عنها وترافقه هو إنسان ديوث، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمترجلة، والديوث. رواه أحمد والنسائي.
وانظر حكم الدراسة في الجامعات المختلطة في الفتوى رقم: 5310.
والله أعلم.